العيد فرحة.. وفرصة لنزول ستة أفلام كوميدية دفعة واحدة، فالجماهير فى تعطش شديد للضحك لمقاومة سأم الحياة وعذاب ارتفاع الأسعار والخوف مما هو آت.
وأعتقد أن بعض النجوم يصارع من أجل البقاء، دون أن يمتلك طوق النجاة ولا لديه مهارة السباحة، ومصيره يكاد يكون محتوماً، والبعض يدخل سباق أفلام العيد وهو سايب إيديه، مُرتكزا على رصيد جاهز من حب الجماهير ولهفتهم للقائه، وهذه اللهفة فى حد ذاتها سلاح ذو حدين، لأن التوقعات الكبرى قد تؤدى إلى خيبات أمل كبرى!
شاهدت فيلم أحمد حلمى \”لف ودوران\” فى سينما تمتلك ثماني شاشات عرض، خصصت منها اثنتين للفيلم على اعتبار أنه أهم أفلام الموسم، وخاصة وأن حلمى غاب بعض الوقت بعد فيلمه \”صنع فى مصر\”، الذى لم ينل أى قدر من النجاح، والواقع أن الجمهور يحب أحمد حلمى ويغفر له كثيرا من الأخطاء السينمائية، التى لا نعرف كيف تورط فيها رغم ذكائه.
المهم أن معظم رواد السينما كان مقصدهم منذ البداية فيلم \”لف ودوران\”، وهنا لابد وأن نضع فى الاعتبار ولا نغفل وجود دنيا سمير غانم، التى استطاعت فى السنوات الأخيرة، أن تثبت أن لديها قدرات فنية متعددة ومتنوعة تمكّنها لو صدقت النوايا من أن تتصدر أفيش أحد الأفلام، ولا تكتفى بأن تكون الشىء لزوم الشىء!
ولكن اعتقد أن بنات هذا الجيل يفتقدن للشجاعة والمغامرة الفنية، ويكتفين بالإستناد على ظل رجل!
التجربة الأولى التى جمعت حلمى ودنيا كانت مثمرة ومشجعة وناجحة مع فيلم \”إكس لارج\” الذى حقق نجاحا كبيرا على المستويين الفنى والتجارى، ولكن التجربة الثانية تفتقد لهذا الألق!
المشاهد الأولى من فيلم \”لف ودوران\”، الذى كتبت قصته منة فوزى وأخرجه خالد مرعى، لا تتفق مع ما جاء بعدها، وخاصة بالنسبة لرسم شخصية أحمد حلمى، وأناقته المبالغ فيها، وإصراره على شرب السيجار الكوبى، وارتداء أفخر ماركات الثياب العالمية، هذا من حيث الشكل، أما من حيث الموضوع، فإنه يعيش مع أربع نساء، هن جدته \”إنعام سالوسة\”، والدته \”ميمى جمال\”، خالته العانس \”صابرين\”، وشقيقته \”جميلة عوض\”، والمفروض أنه رجلهن الوحيد، الذى يتولى أمورهن، ويشعرن فى وجوده بالأمان، ولذلك يصيبهن الهلع عندما تلوح فى الأفق فتاة إيطالية جميلة، يفكر فى الزواج منها والسفر معها، وترك هذا الحمل الحريمى، وهو ما سبق وفعله والده، ولكن، تلك معلومات نعرفها من خلال الحوار فقط، ولم نشاهد له مشهدا واحدا نشعر فيه بأنه فعلا السند والملاذ لهؤلاء النسوة.
ويحدث أن يدعو حلمى فتاته الإيطالية لرحلة لشرم الشيخ، ويدعي أنه عريس فى شهر العسل وقد فاز بتذكرة إقامة بفندق فاخر، وهو نفس ما حدث مع دنيا سمير غانم، التى اضطرتها الظروف للإدعاء أنها العروس، ويحدث أن تصر عائلة \”حلمى\” على اصطحابه لهم فى الرحلة لشرم الشيخ، ويتفاجأن بوجود الفتاة الإيطالية والفتاة المصرية أيضا.
المهم أن الأحداث تتشابك، ولكن فى افتعال شديد، لا ينتج عنه أى نوع من الكوميديا، ولكن بعض إيفيهات تلقى على القاعد، وتعتمد على خفة ظل أحمد حلمى فقط، التى تصيب أحياناً وتخيب أحيانا أخرى.
العائلة الحريمى من جهتها تحاول التخلص من اهتمام ابنهن بالفتاة الإيطالية، عملا بالمأثور الشعبى القديم أن الزواج من بنت البلد هو النعيم والأمل، وخير البلد \”رجالتها\”.. مش لازم يخرج بره.
تتآمر النسوة مع دنيا سمير غانم، على أن تجذب اهتمامه وتطفش الخوجاية اللعينة اللى عايزة تخطف الواد.
أما الجزء الأهم الذى لم يتم استغلاله جيدا، نظرا لفقر خيال كاتب السيناريو، فهو ذهاب حلمى ودنيا إلى جزيرة بعيدة، ليس فيها صريخ ابن يومين، وبقائهما عدة أيام بمفردهما تماما، بحيث يتعرف كل منهما على الآخر أو يعيد اكتشافه، وطبعا كان المفروض أن تكون تلك المنطقة مليئة بالأحداث والمواقف والطرائف المضحكة، ولكن طبعا عشان الالتزام بحكاية السينما النظيفة، تحولت الحكاية بينهما إلى جلسة حوار.
طبعا لا أقصد بالسينما النظيفة ما قفز إلى ذهنك، ولكن كمان مش معقول ولد قاعد مع بنت فى جزيرة بمفردهما ويعاملها كأنها خالته، لدرجة أن أى منهما لم يتحرك من مكانة إلا فى أضيق الحدود، حتى إن حلمى لم يلحظ وجود آيس بوكس ضخم، وضعت فيه دنيا سمير غانم مجموعة من المأكولات والعصائر وكافة الإحتياجات التى تكفيهما للبقاء فى الجزيرة عدة أسابيع، وهو الأمر الذى كان يجهله، فقد كان يظن أن وجودهما على الجزيرة مجرد حادث غير مقصود!
طبعا يمكن أن تتذكر عشرات الأفلام التى حدث فيها هذا الموقف.. شاب وفتاة يضطران للتواجد فى جزيرة ليس عليها مخلوق سواهما وما يمكن أن يحدث من مفارقات، بينها فيلم فرنسى بطولة جان بول بلموندو وكاترين دينيف اسمه \”المتوحش\” تم استنساخه فى عدة أفلام أمريكية.
المهم أن الإيفيه الوحيد الذى اضحكنى شخصيا، قاله حلمى ردا على خوف دنيا من وجودها معه فى الجزيرة، فكان رده: ماتخافيش أنا سايب باب الجزيرة مفتوح!
أولا: مش فاهمة معنى اسم الفيلم \”لف دوران\”، وهو اسم أسخف من \”صنع فى مصر\”.
وثانيا: السيناريو رسم شخصيات لم يستطع الاستفادة منها ولا تحريكها، مثل الشقيقة الصغرى جميلة عوض، والخالة صابرين، ولولا أن بيومى فؤاد لديه قدرة على الإضحاك بأقل مجهود، وبيسلك فى أى حاجة، ما كان لدوره معنى!
ثالثا: داهية لا يكون اللى عمل الفيلم فاكر إنه بيناصر قضايا المرأة! تبقى مصيبة فعلا، لإن مكتوب فى الملخص المصاحب على موقع السينما كوم أنه -أي الفيلم- كوميديا سوداء عن دور المرأة المصرية!
طبعا واضح أن هناك إلتباسا واحتباسا حراريا فى مفهوم معنى الكوميديا السوداء، وفى معنى دور المرأة المصرية!