ماجدة خيرالله تكتب: العار.. ليس ما صنعته مي نور الشريف.. العار في العقليات المريضة

 

وفاة فنان ما، يثير شهية المرضى، ويخرج الجرذان وصراصير البالوعات والمصارف والمجاري، من مخابئها، وتكتشف أن بيننا يعيش أحقر وأحط أنواع البشر، بل من هم أدني كثيرا من تلك المخلوقات البشعة، ولا أفهم لماذا يتشفي هؤلاء في وفاة الفنان، متى كان الموت عقابا إلاهيا، ولماذا يعتقد هؤلاء ان الله برحمته الواسعة، سيحرم الفنانين بالذات من فردوسه،  على اعتبار أنهم افسدوا في الأرض بما قدموه من أعمال فنية! يصنفونها  كرجس من عمل الشيطان، سواء كانت قطعا موسيقية، أو أفلام ومسرحيات ومسلسلات، مهما كان ما تتضمنه من قيم إنسانيه، وجماليات لا يدركها إلا من أضاء الله بصيرته وقلبه!

يا أخي حتى الحيوان أثبتت التجارب أنه يتأثر ويتفاعل بالموسيقى، الأبقار تدر الألبان بغزارة وهي تستمع للموسيقى الهادئة، والكلاب تهز ذيولها وتشارك أصحابها نغمات الموسيقى التي يفضلونها، إلا هؤلاء الذين يحسبون أنفسهم أفضل من الجميع، لأن لديهم طاقة خرافية على كراهية الحياه بمن فيها، ويمنحون أنفسهم الحق في الحكم على غيرهم، وتحديد مصيره، فهذا سيدخل الجحيم حتما، وذاك سيدخل الجنة ويستمتع بكميات وفيرة من نساء الجنة حور العيون!

وفاة الفنان نور الشريف فتحت شهية هؤلاء للهجوم على الفن والفنانين، وقد تنتابك الدهشة والانزعاج، عندما تدرك أن بعض المجلات والصحف، تمنح هؤلاء الفرصة الذهبية، للانقضاض على سمعة الفنان وحرمة الموت، فعلوا ذلك مع عمر الشريف وميرنا المهندس، وأخيرا نور الشريف، صورة مي نور الشريف وهي تأخذ عزاء والدها مرتدية ملابس بيضاء، أثارت إنزعاج المأفونين المتحدثين دوما باسم الدين تارة، والعادات والتقاليد تارة أخرى، أنا شخصيا لا أفضل المبالغه أو الأفورة، في وصف ما فعلته مي نور الشريف، فلا هو بطولة، ولا هو عار وفضيحة، إنما هو ضرورة حتمية، الرجل توفي ولم ينجب ابنا ذكرا، وليس له اشقاء رجال، ولا اقارب درجه أولى من الذكور، كانت أسرته هي صافيناز قدري \”بوسي\” التي تزوج منها، وهو في بدايه خطواته الأولى نحو الشهرة والنجاح، أحبها وأحب عائلتها، التي احتوته، واعتبرته أحد ابنائها، وأنجب من بوسي ابنتين، كانتا أعز ما يملك، ورغم أصوله الصعيدية ونشأته الشعبية، إلا أنه لم ينزعج من إنجاب البنات، ولا سعى ليكون له أبناء بنين، بالعكس كان يفتخر بكونه أبا لبنتين من بوسي، وأنشأهما على الاعتماد على الذات، وغرس فيهما مبادىء، بعضها لم يعد لها وجود في مجتمعنا المتآكل المتفسخ، وتوفي الرجل الفنان، وقررت ابنته أن تقف لتأخذ عزاء والدها، فما العيب أو الإثم الذي ارتكبته؟ لكنك سوف تقرأ عجبا وتعليقات تثير الغثيان، واتهامات بالفسق والفجور، وتعليقات من نوعية: كيف تقف الفتاة في سرادق العزاء المخصص للرجال؟ ولماذا تتحدى التقاليد وترتدي ملابس بيضاء، وكان أجدر بها أن تتشح بالسواد وتغطي شعر رأسها، والبعض هاجم بشرتها البيضاء الناصعة، متهما إياها بتعمد الإثارة \”شوف الوساخه\”، وشيخ مأفون مصاب غالبا\”بالزهري\” وصورته على صفحته الفيسبوكية وهو يمسك \”مصحف\” ضخما مفتوحا، ولحيته تتدلى لما بعد السرة، ورغم كل مظاهر الإيمان التي حرص على أن يصدرها لمن يمر على صفحته، إلا أنه لم يتورع من الخوض في أعراض الناس، وكتب تعليقا أسود من قلبه: \”إن وجود مي نور الشريف بين الرجال، سوف يؤدي حتما إلى الخطيئة التي سوف تحدث، بمجرد انتهاء العزاء\”! وكأن الرجال لا يجتمعون بالنساء في مواقع العمل، ولا في الجامعات، والنوادي، وإنهم لو اجتمعوا فلابد وأن تحدث كوارث وخطايا!َ

متى يرحمنا هؤلاء من هذا العته، الناتج عن تفكيرهم بأعضائهم التناسليه، المُعطله، ولماذا لا تقوم الحكومة بإخصائهم لتريحهم وتريحنا من هذا السفه الذي يفسدون به حياة الناس، ويسحبوننا إلى عصور ما قبل نشأة الحضارة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top