كريم فوزي يكتب: تويتر هو الحل

كعادتى، لم أجد ما أفعله لقتل الملل الذى أصبح مسيطرا على حياتى بشكل مثير للرتابة والاكتئاب، لقد أنقضت الإجازة وكل ما يفصلنى عن بدء موسم الدراسة الجديد بضعة أيام، حيث العودة إلى الملل الأكبر وتلك الرتابة والبيروقراطية المميتة في التعامل من حضور محاضرات لا تفيد وسماع نظريات لم تعد تستعمل.

أسوأ ما في الفراغ أنه يقود الإنسان إلى أماكن لا يُحمد التوجه إليها، حيث الشهوة والنزعة الحيوانية التى تتغلغل بداخل الروح لتملأ ذلك الفراغ، أتذكر مقولة لا أعرف من قالها إن هناك تجويف بداخل الإنسان اسمه الإله وكل إنسان يملائه كما يريد.
اندهشت حين علمت أنهم استخدموا قديما الساعة الرملية لمعرفة الوقت! ظننت فى البداية أنها أسطورة وخرافة.
لم يكن هناك مفر من تصفح الإنترنت واللجوء إلى قراءة بعض المقالات والدردشة، ثم لا جديد، لم يقتل الملل بعد، مللت من الفيس بوك وأصبح مثيرا للغثيان كلما مررت به وأشعر بأننا نسير إلى الفناء أو أننا بحاجة مُلحة إلى فناء البعض منا.

كان القرار الوحيد الصائب هو الذهاب إلى تويتر، حيث التفرد بالنفس وإزالة بعض الأتربة التى علقت بالروح من ضغط الحياة وضغط أشباه الأصدقاء.
اعتقد أن تويتر هو الأقرب للحياة وأن صاحبه كان حكيما، حيث وضع حدا أقصى للحروف التى تعبر عنك (١٤٠ حرفا)، هكذا يخبرك أن خير الكلام ما قل ودل، وأن كثرة الكلام تفقده المعنى.

كما أن تويتر لم يضع خيار التعديل للتويتات، حيث لا سبيل إلى إصلاح ما قلت، يخبرك بكل صراحة صادمة أن عليك فقط الانتباه للمستقيل والعمل الآن على تحسينه وتحسين ما أنت فيه، عكس بعض المواقع التى تعطيك زيفَ أننا يمكننا إصلاح الماضي، وهذا ما لا يحدث في الواقع.
فكرة المعالجة النفسية أو حرية التعبير من مشاعر وأفكار سيرالية التى يكفلها لك تويتر بلا حدود، ربما لا يكفلها لك موقع آخر، ومن المؤكد أنه لن يكفلها لك شخص مهما كانت مكانتك عنده.
عالم تويتر حيث لا أحد هناك يتفقد ما كتبت، الكل منشغل بأفكاره وبالحياة التى يحارب فيها وتحاربه، هناك أنت لست ذا أهمية، فأنت تسير ضمن تيار جارف من المغردين.. يمكنك أن تحيا حياة المجهول.. تصيح، تلعن، تسب، تسخر، لا أحد هناك ليضع على عاتقك مسئولية وأهمية احترام تقاليد وأفكار وضعت لزمن ليس زمنك ولأشخاص أنت لا تعرفهم وتجهل كيف عاشوا قبلك، لذلك، فإن تويتر هو الحل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top