عندما كنت صغيرة، اعتادت أمي أن تخبرني: \”إن لم انه طعامي كله ربنا مش هايحبني\”.. لم افهم حتى الآن ما العلاقة بين الطعام وحب الله لي، وهل الله بهذه القسوة فيكرهني لسبب بسيط كهذا؟!
كبرت أكثر، وكانت حصة الدين وأركان الإسلام.. كان المدرس يقوم بذكر الشهادتين سريعا ويقضي نصف الحصة يخبرنا عن عقوبة ترك الصلاة وأن من يترك صلاة سيعذب، وأن الله لن ينظر لوجهه يوم القيامة.
لم يقل لي أحد إن الله يحبني، وإن أول اسمائه الرحمن الرحيم, وإنه قبل كل شىء يحبني، وإنه يعرف كم اجاهد نفسي لطاعته، وكم اندم على فروضي التي لم اُؤدها, هم اخبروني أن صلاتي لن تقبل لأني اظهرت أصابع قدمي، وصيامي لن يقبل لأني اسمع موسيقي وقت الصيام، وحجابي لا يجوز لأن ملابسي مغرية لهم، وأن يدي ستحرق في جهنم لأني اصافح الرجال!
لم يخبرني لأحد أنني عندما امر بوقت صعب، فإن الله لا يعقابني، هو فقط يختبر صبري، وأنه يعطيني مع كل مصيبة القوة لتحملها، ومع كل مشكلة حكمة لمواجهتها، وأنه بجانبي، وأنه سيعوضني خيرا.
وهؤلاء الذين صنفوا أنفسهم حرس على الجنة والنار يحكمون من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار طبقا لأهوائهم, هؤلاء الذين قال الله لهم في كتابه: \”أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ\” الزخرف 32.
إن اقتناعي وفلسفتي الشخصية أن لا يمكن أن يكون هناك اختلاف بين المنطق والإنسانية وبين الله, لا افهم لماذا يحاول المتحدثين باسم الدين في كل زمان ومكان أن يحولوا الناس إلى اشخاص مرعوبين من النار لدرجة المرض، طامعين في الجنة بشهوانية، منتظرين الحور العين وقدرة السبعين حصانا كما يقول من يطلقون على أنفسهم شيوخ!
يجعلون الناس يعبدون العبادات أكثر من الله نفسه، ويعبدون الشيوخ أنفسهم، لأنهم يملكون مفاتيح الجنة والطريق الوحيد للدخول إليها, هم ببساطة يقنعوك أن الله يراقبك ليرصد خطاياك ويعاقبك ويعذبك لأنك لم تضع يدك بالطريقة الفلانية في الصلاة، مثلما قال لك الشيخ العلاني.
أنا اجد الله أعلى قيمة من أن يكون قاسيا لتلك الدرجة, ولا اجد نفسي بحاجة لشخص ليصف لي الطريق ليحبني الله أو أن يخبرني بالطريقة المضمونة لدخول الجنة, لقد وجدت الله داخلي وجدته بقلبى, اكتشفت أن الإيمان اختيار، ليس مبنيا على قاعدة أو أن 1+1=2, أنا اخترت أن اؤمن، واخترت أن ابحث عن الله بنفسي دون وسيط أو وصي يخبرني أن لا حق سوى رأيه، وأنه وسيلتي للجنة.