فاطمة خير تكتب: أنا هاقتل التليفزيون!

فى محادثة مع صديقى المبدع ناصر عبد الرحمن، قلت بشكل عفوى: \”أنا هاقتل التليفزيون\”، ضحك كثيراً، وطلب مني أن أكتب عن هذا الشعور، وعندما أجبته بأن هذه حالة وستذهب لشأنها؛ أصر على أن أكتب عنها لأنها أكثر من حالة عابرة ، حتى إنه في مكالمة هاتفية بعدها بأيام سألني: لما لم أكتب حتى الآن.

اتذكر جيداً حين نطقت بهذه الجملة.. كنت غالباً فى حالة شديدة من الغيظ، فأنا أحب مشاهدة التليفزيون في الحقيقة، واستمتع بها.. صحيح لا أحبه أكثر من الراديو عشقى الأول؛ إلا أننى استمتع بمشاهدة التليفزيون كأحد متع الحياة، واحزن حين أُحرَم منها.. سبب غيظي كان سلوك ابني العصبي بسبب مشاهدته لأفلام كارتون.. تشعرنى أنا شخصياً بالتوتر من مجرد الاستماع إلى موسيقاها ومؤثراتها الصوتية.

أما الجزء المؤلم بالنسبة لي، فهو أنني بالفعل افتقد الحميمية مع شاشات التليفزيون كزماننا الماضي، جلست اسرد لابنتي كيف كنا نتجمع حول جهاز التليفزيون، لمتابعة مسلسل، أو سهرة، أو فيلم نراه من السنة للسنة. اندهشت ابنتي للغاية، في واحدة من اندهاشاتها المتعددة حين أحكي لها عن أيامنا وحواديتنا التي تبدو بالنسبة لها من زمن سحيق!

ادرك بالفعل أن الزمن تغير، وأنه من العبث استرجاع ما مضى، وأنها ربما تكون حالة من الشجن والنوستالجيا ليس إلا؛ لكن المؤكد أن الصحيح هو إحساسي بالافتقاد لبرامج وقنوات تجعلني أضعها في قائمة المفضلات لدي، حتى إنني بعد جولة ليلية في الشاشات بعد أن أنجح في إنقاذ ساعة أو اثنين من يومي المنهك؛ بعد الجولة الليلية – غالباً – اشعر بالغضب لأننى لم أجد ما أتابعه باستمتاع، وليس مجرد \”سد خانة\”!

تصوروا أنه مع هذا الكم الهائل من الشاشات، والإنتاج السخي، يصبح العثور على \”منظومة تليفزيونية\” أمراً شديد الصعوبة!

صحيح أن بعض البرامج قادرة على جعلك تنتظرها، وأن بعض الشاشات تفضلها لأنك تتوقع مشاهدة أفلام منتقاة عليها؛ لكنها نسبة وتناسب.. الأمر غير منطقى على الإطلاق، فالمفترض أن أمام الكم والإنتاج الحالي، مصرياً وعربياً، يشعر الإنسان بالحيرة: أيهم أختار؟ لكن الواقع يقول إن المشاهد – خاصةً ذلك الذي لا ترضيه أي مادة تليفزيونية – لسان حاله يقول: بأيهم سأدفع عن نفسي الضجر والملل؟!

عندما نطقتها بعفوية: \”هاقتل التليفزيون\”، كنت أعبر في الحقيقة عن افتقادي لذلك الجهاز السحري، الذي يشغل مساحة كبيرة على الحائط؛ إلا أنه تركها فارغة في محله الحقيقي: اهتمام المشاهد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top