عمرو خليفة يكتب: وطن العبيد والأسياد.. حدوتة زندية

\”نحن هنا على أرض هذا الوطن أسياد و غيرنا هم العبيد\”.. يطلب الاحترام، لكن لا يعطيه، ورغم ذلك قرر من يهيمن على الشأن المصري أن أحمد الزند سيصبح وزيرا للعدل.. تماماً مثل القول الدارج \”يطلع من حفرة ويقع في كبوة\”.

قال من سبقه إن أولاد عمال النظافة لا يصلحوا أن يكونوا قٌضاة، وبتصريحه هذا قد عرّى الرجل طبقية الشعب بأكمله وليس القضاء فقط، فتمهل وتمخض فكر السيسي عن فكرة رائعة: الزند هو الحل!

نعم من يقود عربة المستقبل المصرية رأى أن المصلحة العامة تكمن في الزند! في مرحلة هى الأخطر في تاريخ مصر المعاصر.. رأى السيسى أن الزند هو من سيرفع من شأن القضاء المصري.. لقد أصبحنا أضحوكة عالميه بعد سلسلة من الأحكام القضائية التي جعلت المنطق يطلب اللجوء السياسي في كوريا الشمالية!

لكن لماذا يتخذ السيسي مثل هذا القرار في وقت تعلوا فيه الأمواج؟ ليس المرء بحاجة إلى دكتواره في العلوم السياسية لفهم أنه، ولأول مرة منذ توليه الحكم، أصبح السيسي تحت المجهرالإعلامي، بالتالي من المنطقي أن يتخذ الرئيس قرارا متحفظا وتوافقيا لبث رسالة للمعارضين والمحللين بجديته في لم الشمل المصري.

لكن الشأن المصري في ظل الغيوم الحالية لا يحكمه المنطق، وتتسيده رؤية سلطوية أبوية خائفة من الرأي المخالف، والواضح من خلال مثل هذا القرار أن عنف هذه الرؤية لن يختفي بل ستزيد وتيرته.

لماذا يختار السيسي شخصية، توجد تساؤلات عديدة حول مصداقيتها، وعلامات إستفهام حول قانونية قرارتها الشخصية؟! فمن المعروف أن التساؤلات تدور حول عدة حيثيات خاصه بأراضي الدوله المصرية:

١- بيع أرض خاصة بنادي القضاه ب ١٧٠٠٠ و-٦٠٠ ج في حين أن الثمن الفعلي للأرضي أقرب للـ  ٥٠٠٠٠ ج طبقاً لتقرير الخبراء والتسبب في خسارة النادي لمبلغ طائل: ١٥،٠٠٠،٠٠٠ ج

٢- وتقول مصادر اخري  إن الشبهات تحوم حول شراء الزند لأرض بمطروح لحسابه الخاص بعشر قيمتها الفعلية بما يطوي بطيات هذه الصفحة أسئلة عن إستغلال النفوذ.

٣- الاتهام الأخطر هو، طبقاً لحمادة شعبان عثمان  المدير العام السابق بوزارة الإسكان والمرافق، إستيلاء الزند علي ٢٢٠٠ فدان بدون وجه حق في ٦ أكتوبر ويقدر تمنها ب ١٠ مليار جنيه.

لكن في مملكة اللامنطق، على القاريء أن  ينتبه لجانبي الموضوع من نظرة اوتوقراطية للإلمام بمسببات قرار تعين الزند كوزير للعدل: منذ أيام قليلة وجه الإرهاب ضربة موجعة باغتيال ثلاثة من موظفي القضاء العالي بسيناء، وإن كان نظام الحكم راهن بالقضاء على جماعة الإخوان، فضرورة السيطرة بقبضة من حديد على القضاء من قبل يد مضادة للإخوان، تصبح من الضرورة القصوي للسيسي مهما كان الثمن في حلبة الرأي العام.

لابد من فهم ما نحن بصدده: نظام يرى أن الحل لكل الأمراض التي تنهش الجسد المصري، هو القضاء على ما يسميه بالجماعة الإرهابية، ولهذا يتناسى ويتغاضى النظام عن سماع أي نغمة مخالفه ويسميها مستأجرة أو عميلة.

من ينصح السيسي يفهم أن عقليته العسكرية لا ترحب بالنقاش والرأي والرأي الآخر، بل تعودت فقط على إعطاء الأوامر.

وقد يتمتع  البعض من هؤلاء الناصحون بحنكة سياسية أكثر منه، ويفهمون أن اختيار مثل هذا الزند بمثابه الانتحار السياسي لرئيس، هو في أشد الحاجه لإضفاء شفافية على القرار السياسي المصري.

خوف هؤلاء من المقصلة السياسية فاق وانتصر على حبهم لوطن في أشد الحاجة إلى كلمة حق في وجه سلطان جائر.

وقد يظن البعض الآخر منهم أنه بحصول الزند على هذه الوزارة المهمة، فإنهم يلجمون المعسكر المباركي في الدولة العميقة.. في كلا الحالتين، ينتصر الظلم، وتُهزم مصر.

تعيين الزند جزء من منظومة عشوائية هدفها الطفو فوق بحر تعلو أمواجه يوما بعد يوم، لكن عندما تكون العوامة مصنوعة من الصخر، فتكون حتما النتيجه واحدة: الغرق.

عن الكاتب:

عمرو خليفة.. صحفي مصري ومحلل سياسي مستقل، متخصص في شئون الشرق الأوسط.. نشر العديد من النصوص في أهرام أون لاين.. مدى مصر..إيجبت ديلي نيوز..  مفتاح، وبوابة يناير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top