(وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى)
سورة النجم
بدأ القرن العشرين في العالم عامة ومصر خاصة بتغيرات اقتصادية وسياسية كبيرة، سقطت فيه إمبراطوريات وقوى عظمى وظهرت إمبراطوريات وقوى عظمى أخرى، هذا التحول السياسي والتغير الاقتصادي لم يكن تحولا عشوائي أو فوضويا حتى وإن ظهرت -على مظهره السطحي- العشوائية والفوضى.
لم تكن الحروب والمظاهرات والانقلابات العسكرية وأشكال العصيان المدني والاغتيالات وظهور حركات المقاومة والميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية للأغراض السياسية وحقوق الإنسان فقط، وإن ظهرت أيضا على مظهرها السطحي الأهداف النبيلة وشعارات الاشتراكية الرنانة وحقوق الطبقات الدنيا وحوافز الرأسمالية الزائفة ودعوات السلام والاستقرار وشعارات الحرية، بل كانت لصالح الشركات الرأسمالية ولخدمة تغير الاقتصاد العالمي.
التحول السياسي بشتى الطرق والتغير الاقتصادي اتخذا سويا خلال القرن العشرين طريقين متوازيين يكمل ويفسح كل منهما للآخر، فبسقوط قوى وظهور قوى أخرى، اختفت شركات وظهرت شركات وأندمجت شركات لمواجهة تحديات السوق ومواكبة التغيرات السياسية وتحقيق وتعظيم الأرباح.
في عام 1908 بدأ سقوط الدولة العثمانية وتقسيم المناطق التي كانت تحت نفوذها، التقسيم هو الكلمة الجوهرية لفتح أسواق جديدة للدول الاستعمارية المنتجة، حرب البوير جنوب إفريقيا 1899-1902 وفيها انتصرت بريطانيا على البوير بعدما بدأ المنقبون في اكتشاف الذهب في الترانسفال (جنوب إفريقيا حاليا)، مما لفت أنظار بريطانيا لإقامة مستعمرة جديدة في إفريقيا.
الحرب العالمية الأولى 1914-1918 وظهور أمريكا كقوة عظمى سياسية واقتصادية جديدة في العالم على أنقاض أوروبا، الحرب العالمية الثانية 1939- 1945 ومفاوضات اتفاقية \”بريتون وودز\” 1944 التي ترجمت الخطة الأمريكية لإعادة هيكلة النظام المالي العالمي واعتماد خدعة الدولار الأمريكي كعملة رسمية للتداول عالميا واستبدال الذهب بالعملة الورقية.
الحرب الكورية 1950- 1953 التي اعتبرت امتداد للحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية وتقسيمها إلى كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية ونقل التكنولوجيا الأمريكية إلى كوريا الجنوبية وفتح سوق جديد بقارة أسيا حتى أصبحت كوريا الجنوبية من أعلى الدول اقتصادا في العالم.
حرب أكتوبر 1973 بين مصر وإسرائيل انتصرت فيها مصر على إسرائيل واستفادت إسرائيل من معاهدة السلام لتحقيق أمان نسبي في المنطقة تحقق من خلاله نموا اقتصاديا وبحثا علميا متطورا،
الانقلابات العسكرية في تشيلي والأرجنتين والبرازيل كلها لتحقيق أرباح وفتح أسواق جديدة والترويج لسلع وخدمات وإقامة مصانع وشركات متعددة الجنسيات تحت مسميات الرأسمالية لتفيد أصحابها والجنرالات القائمين على حمايتهم دون شعوب تلك الدول، انقلاب الفريق إبراهيم عبود وزراعة البذرة الخبيثة لانفصال السودان سياسيا وجغرافيا في عهده مع توقعات الغرب بظهور البترول في السودان وهو ما تأكد مع مطلع هذا القرن.
كل ما سبق تم رصده وتسجيله وإيضاح كيفية إدارته وتحديد المنتفعين منه في العديد من كتب الاقتصاد السياسي مثل \”عقيدة الصدمة\”، \”اقتصاد يغدق فقرا\”، \”الاغتيال الاقتصادي للأمم\”، \”السيطرة الصامتة\” و\”23 حقيقة يخفونها عنك بخصوص الرأسمالية\” وغيرها، كل تلك الكتب رصدت بالفحص والتدقيق العلاقة السرية التي لا ترى بالعقل المجرد بين تغيرات القوى السياسية والتغيرات الاقتصادية.
ما الجديد؟ ما الذي يحدث في العالم؟ هل هناك نظام عالمي جديد يظهر مع بداية القرن الواحد والعشرين؟ هل أصبحت مصر حقل تجارب جديدا لهذا النظام العالمي الجديد؟ ولصالح من يعمل هذا النظام؟
عندما نخص مصر بتلك الأسئلة، نجد أنه مع بداية العقد الأول من القرن الـ 21 كان كل شئ في مصر طبيعيا، لا يخلو من أحداث أي دولة شرق أوسطية أو عربية مجاورة، تخضع بحكم الموقع والظروف لما تخضع له تلك الدول باختلاف الإمكانيات والعوامل الداخلية، مع بداية العقد الثاني من هذا القرن وتحديدا عام 2011 بدأنا في مصر التأثر بما يحدث حولنا بحكم الموقع وتشابه ظروف المعيشة لما أطلق عليه \”الربيع العربي\”.
بعد ثورة تونس بدأت بعض الدول العربية في التظاهر بشكل متسلسل، ففي مصر اندلعت المظاهرات لميلاد حدث تاريخي وهو ثورة 25 يناير التي اقتلعت مبارك من سدة الحكم في مصر بعد عقود طويلة، كل ذلك طبيعي جدا مقارنة بالأحداث التاريخية لبعض الدول في القرن الماضي من ثورات ومظاهرات وإعلان دستوري وتعديلات دستورية وخلع حكام وتولي آخرين واجتماعات وتصريحات وتأثر الاقتصاد، كل ذلك يبدو طبيعيا بمراجعة صفحات التاريخ من 25 يناير 2011 حتى يوم 30 يونيو 2013 .
30 يونيو 2013 هو تاريخ جلل في تاريخ مصر، بعدها بدأت الأمور تسير في اتجاه ما الذي يحدث؟ انقلاب أم ثورة؟ هل سيتولى المشير عبد الفتاح السيسي أم سيكتفي بمنصبه كوزير للدفاع ولن يتولى منصب الرئاسة كما صرح؟
برغم حدوث العديد من الانقلابات والثورات على مدار التاريخ في العالم ووجود نظريات سياسية في أكبر جامعات العالم تحدد وتتحدث عن شروط الانقلاب وأركان الثورات، حرصت كل الدول الكبرى على مراعاة ألفاظها عند استخدامها مع الأحداث في مصر.
أمريكا، الصين، والاتحاد الأوروبي أكبر قوى سياسية واقتصادية في العالم حرصوا على عدم استخدام كلمة انقلاب أو ثورة، والتزموا الحنكة السياسية التي تساعد في خدمة مصالحهم السياسية والاقتصادية لاحقا، فيما استخدمت بعض الدول الأخرى كلمة انقلاب صراحة في وصف أحداث 30 يونيو 2013 مثل قطر وتركيا، ودافعا كثيرا عن الشرعية الدستورية للرئيس السابق محمد مرسي، هل كان لأسباب سياسية فقط؟
التاريخ لم يذكر أن السياسة والاقتصاد منفصلان، بل إن السياسة والاقتصاد متلازمان في طريقان متوازيان، إذن هم مستفيدين اقتصاديا أيضا.
وعلى الجانب الآخر، استخدمت روسيا وبعض دول الخليج العربي كلمة ثورة في أحداث 30 يونيو 2013، بل ذهبت روسيا لأبعد من ذلك عندما صرح بوتين أن الرئيس السابق محمد مرسي يتحدث عن عزل بشار الأسد، وهو لن يكمل فترته الرئاسية في مصر! وسارعت معها بعض دول الخليج في فتح خزائنها للنظام العسكري.
هل خططت روسيا وبعض دول الخليج لصعود النظام العسكري في مصر؟ هل أيدت روسيا وبعض دول الخليج النظام العسكري في مصر سياسيا فقط؟
نفس الإجابة يرسلها التاريخ من قديم صفحاته، فالسياسة والاقتصاد متلازمان يفسح كل منهما الطريق للآخر.
إذن، صعود النظام العسكري في مصر يخدم البعض ويضر بالبعض الآخر سياسيا واقتصاديا، هذا الأمر يفسر الكثير من الأحداث والتصريحات بعد صعود المشير عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر بعد اطاحته بنفسه وتحت إمرته بالرئيس السابق محمد مرسي.
لكن مهلا، ما هذه الاخبار الرسمية؟!
روسيا توقف استيراد الفاكهة والخضروات من مصر! السعودية توقف المساعدات لمصر! أرامكو السعودية توقف إمدادات النفط عن مصر! ما الذي يحدث؟ ألم تكن الإطاحة بالرئيس محمد مرسي تخدم مصالح تلك الدول؟! هل اختلفوا مع النظام العسكري؟!
هذا لم يرد في سابق التاريخ والكتب وتجارب الدول، لم ينفرد نظام عسكري بعد الإطاحة بأي رئيس بالمنافع السياسية والاقتصادية وحده، يجب على الأقل مكافأة من وقفوا بجوار الانقلابات أو الثورات خارجيا وداخليا على حد سواء، هكذا يسير النظام الرأسمالي الاقتصادي جنبا إلى جنب مع التغيرات السياسية كما تعودنا وشاهدنا في البرازيل والأرجنتين وتشيلي وحتى إنجلترا في عهد مارجريت تاتشر.
حسنا، دعونا ننظر للدول الكبرى التي التزمت الحنكة السياسية وراعت ألفاظها تماما عند الحديث عن مصر، هل استفادت أم ماذا؟
نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية أوقفت مساعدات لمصر تقدر بمئات الملايين من الدولارات وتوقفت أيضا عن مساعدة مصر بأشكال أخرى!
أما الاتحاد الأوروبي فكل الشواهد تؤكد أنه انقسم على نفسه سياسيا منذ زيارة كاترين آشتون في يوليو 2013، واقتصاديا منذ إبرام الصفقات التجارية التي أجرتها كل من فرنسا وألمانيا مع مصر، فنجد أن فرنسا استخدمت مع الجنرال ألعابا سياسية قديمة، ولكنها أوجدت منفعة كبيرة، فبعد بيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، حضر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى مصر حاملا في حقيبته استفسارات عن مقتل مواطن فرنسي في زنزانة أحد اقسام الشرطة المصرية، ورحل بـ 1.1 مليار دولار قيمة صفقة أسلحة! وغيرها من أنظمة اتصالات عسكرية؟ ناهيك عن 24 طائرة رافال وقطع بحرية وحاملة الطائرات الميسترال، لتحتل فرنسا بذلك المركز الأول بدلا من أمريكا لتوريد الأسلحة إلى مصر خلال العقد الثاني من القرن الـ 21.
أما ألمانيا، فقد استخدمت ورقة حقوق الإنسان في مصر وتردي أوضاع المعتقلين، لتخرج بصفقة سيمينز التي قدرت بـ 8 مليار يورو.
هل نستنتج من ذلك أن النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي يلغي تبعيته الدولية السياسية والاقتصادية للقوى العظمى في العالم لينهض بمصر وشعبها بعيدا عن استغلال تلك الدول لثروات مصر؟ حسنا.. لنرى ما هو وضع الأحوال الاقتصادية والسياسية بمصر في ظل كل ما سبق؟
عسكرية بغرض الربح:
عندما قامت أمريكا بغزو العراق عسكريا في العقد الأول من هذا القرن، استخدمت أسبابا سياسية لإقناع العالم، ولكن بالتبعية -كما يذكر التاريخ- الأسباب السياسية تكون لأغراض اقتصادية، فبرغم تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بخلو العراق من أسلحة الدمار، إلا أن أمريكا استخدمت ملف حقوق الإنسان في العراق واتهمت صدام حسين دون دلائل بمساعدة جماعات إرهابية بعد أحداث 11 سبتمبر، ثم ظهر الغزو العسكري الذي قامت فيه أمريكا بالقضاء على جميع أشكال الحياة السياسية والاقتصادية والبنية التحتية للعراق.
بعد تجريف العراق اقتصاديا وضرب البنية التحتية، ظهرت الخطوة التالية وهي مؤتمر إعادة الإعمار، وهي الخطوة الاقتصادية بعد تجريف أي دولة تماما، الخطوة التي أسندت فيها أمريكا جميع الأعمال للشركات الأمريكية، ولم يكن للشركات العراقية أو حتى العمالة العراقية أي دور، وهو ما أدى لخروج المظاهرات اعتراضا على تلك الأوضاع الاقتصادية، ولكن الوقت قد مضى وأخفت ماكينة الإعلام الأمريكي السبب الحقيقي وراء تلك المظاهرات، وأقنعت العالم أجمع أنها اعتراضات أنصار الحرية والديموقراطية على التواجد الأمريكي، وأن أمريكا لن تخرج من العراق إلا بعد تحقيق الديموقراطية، المقصود بها طبعا ضمان استقرار سير الشركات الأمريكية.
أمريكا لا تفصل بين الماكينة العسكرية والماكينة الاقتصادية، ولكنها تعطي ظاهريا كل ماكينة حقها في الظهور بشكلها المستقل دون انفصالهما ضمنيا بتاتا، فلا نرى أبدا جنديا أمريكيا بزي عسكري يقف في مشاريع اقتصادية أمريكية، ولكنه في نفس الوقت يخدم تلك المشاريع، فهو في النهاية الجزء المسلح من المنظومة الرأسمالية الأمريكية، يقوم بدوره السياسي لصالح الدور الاقتصادي، فهي الديمقراطية العسكرية الأمريكية بغرض الربح.
من المعروف أن هناك مشاريع اقتصادية عسكرية في مصر من قبل ثورة يناير بعقود، فالجيش لديه شركات ومصانع عدة تستطيع منافسة أكبر الشركات في نفس المجالات من حيث الجودة والسعر وذلك لعدة امتيازات غير موجودة لأي منافس اقتصادي آخر في السوق المصري منها على سبيل المثال:
الطرق والمواصلات، في بداية القرن الماضي قبل الجمهورية كانت مصر تعتمد على النقل التجاري بالسكك الحديدية والنقل التجاري النهري والنقل البري والمطلع على صور مصر قديما يرى الصنادل التجارية في النيل بكثافة، فبعد ظهور الجمهورية اختفت نسبة كبيرة من النقل النهري ونقل السكك الحديدية وزاد النقل البري جدا على الطرق المصرية، ولعل ذلك أحد أسباب ارتفاع نسبة الحوادث على الطرق المصرية، لتستفيد السلع التي تنتجها مصانع المجلس العسكري من تلك الطرق النهرية والسكك الحديدية
الأيدي العاملة، برغم تطور التكنولوجيا في العالم، يبقى العامل البشري من ضمن أهم عوامل العمليات الإنتاجية، وذلك يرجع لنظام التجنيد الإجباري بمرتبات زهيدة جدا مقابل ما يقوم به المجندون.
الامتيازات الحكومية والضريبية التي تتمتع بها المنشآت المنتجة ذات الطابع العسكري عن تلك المنشآت ذات الصفة التجارية الرسمية.
بعد 30 يوليو 2013 ظهرت المشاريع الاقتصادية العسكرية بشكل أوضح نظرا لتوسعاتها ونظرا للإعلان عن ذلك أيضا بشكل مباشر إعلاميا.
بعد 30 يوليو 2013 انتظر الشعب المصري من يحنو عليه اقتصاديا كما تمنى لعقود طويلة، خصوصا مع حجم التبرعات والمساعدات التي حصلت عليها مصر بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي وتولي المشير السيسي، ولكن كما ذكرنا لم يخرج كل من أيد النظام العسكري في مصر تأييدا جزئيا أو تأييدا كليا بالمكاسب والمطامع التي كان يتمناها، فكما قال الرئيس المصري الراحل محمد نجيب في كتابه \”كنت رئيسا\”: \”إذا ما خرج الجيش من ثكناته، فإنه حتما سيطيح بكل القوى السياسية والمدنية، ليصبح هو القوة الوحيدة في البلد\”
هذا ما فعله النظام العسكري في مصر بعد 30 يوليو 2013، أطاح بكل القوى السياسية الخارجية التي تطمع في نصيبها الاقتصادي وأطاح ايضا بكل القوى السياسية والمدنية داخل مصر سواء التي تطمع أو التي تطمح لمصر في مستقبل أفضل، وانفرد تماما بالساحة السياسية وماكينات الإعلام، وانفرد تماما بالساحة الاقتصادية لما يملكه من إمكانيات وسلطة ونفوذ تؤهله لذلك، فإذا تتبعنا الاقتصاد المصري بعد 30 يونيو 2013 سنجد أن النظام العسكري توغل بشكل مرعب في الاقتصاد المصري بشهادة الخبراء المحليين والدوليين، فعلى مستوى الثروة السمكية يمتلك النظام العسكري مزارع سمكية عملاقة بمحافظة كفر الشيخ ببركة غليون على مساحة 21 فدان ومنطقة شرق التفريعة على مساحة 19 ألف فدان وغيرها، وذلك تحت إشراف رئيس الشركة الوطنية للثروة السمكية اللواء حمدي بدين، وعلى مستوى الصناعة فالنظام العسكري المصري يمتلك العديد من المنشآت الصناعية التي تستطيع المنافسة، على سبيل المثال \”حلوان للأجهزة المعدنية\” لإنتاج الثلاجات والديب فريزر، وقطاعات أخرى مثل النصر للكيماويات الوسيطة للمنظفات والأسمدة ومواد مكافحة الحشرات، أما على مستوى التجارة والأمن الغذائي، فالنظام العسكري المصري يشرف على موانئ تجارية ويمتلك مصانع لإنتاج منتجات الألبان والمياه المعدنية والعصائر والمكرونة ومجازر للحيوانات والدواجن ومجمعات إنتاج البيض، ويقدم أيضا النظام العسكري خدمات الأمن عن طريق شركة كوين سيرفس التي يعتبر أفراد الأمن بها مجندون يؤدون الخدمة العسكرية بالتجنيد الإجباري، أما في مجال المقاولات، فهناك الشركة الوطنية للطرق والكباري والشركة الوطنية للمقاولات العامة.
كل ما سبق يؤهل النظام العسكري المصري أن يحنو على مصر وشعبها ويحييهم حياة كريمة بجودة محترمة وأسعار معقولة، ولكن هذا ما لم يجده الشعب المصري، فبعد 30 يونيو 2013 أصبحت الأزمات المفتعلة لتحقيق أرباح، هي اللغة السائدة في الاقتصاد، والتي يعاني منها الشعب المصري بشدة، أزمة السكر أزمة لبن الأطفال، أزمة الأرز وغيرها من الأزمات التي سرعان ما نجد لها الحل الذي يقدمه لنا النظام العسكري الذي تطور بشكل ملحوظ في خلق الحاجة إلى السلعة لرفع سعرها قبل تقديم السلعة نفسها، ويصاحب ذلك كله رفع أسعار السلع الأساسية والمواد البترولية والضرائب والجمارك التي تمنع وتقيد المستورد أو المصنع من المنافسة وتقديم أكثر من بديل قابل للمقارنة والقرار من المواطن، الذي يقوم بدوره تجاه الدولة من دفع ضرائب والتزامات أخرى.
كل الأحداث والأزمات السياسية في مصر تصب في النهاية لصالح قوى اقتصادية، تلك القوى التي تحتكر مصر لنفسها ولا تبالي بالآخرين، كل ذلك في النهاية لن يجدي نفعا، ولن يساعد أحدا سواء الحاكم أو المحكوم، فطالما الإنسان يعيش بعيدا عن متطلباته الأساسية التي يحاول إشباعها بالغريزة الإنسانية الفطرية والتي بني عليها علم الاقتصاد في الأساس، وهي \”الحاجة\”، فسيظل الإنسان يحاول ويحاول إلى أن يحقق العدالة والتكافل لنفسه، واللذين لن يجدهما إلا بعد أن يحققهما ويتحققان للجميع.
التحول السياسي والتغير الاقتصادي متلازمان سويا في طريقين متوازيين يكمل ويفسح كل منهما للآخر، لصالح قوى اقتصادية واحدة هي التي تصنع الأحداث السياسية لتستفيد منها اقتصاديا.