عمرو إمام يكتب: "نيابة" عن السلطة

في بداية اشتباكنا مع العمل العام والسياسي ومع مظاهرات الجامعة والحراك الطلابي في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية، ومع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، تعلمنا من أساتذتنا قاعدة مهمة جدا، ونقدر نقول إنها كانت من الثوابت وقتها
وهي:

\”لو اتقبض عليك، حاول تحافظ على نفسك وقت القبض ووقت الاستجواب من المباحث، لحد ما توصل النيابة\”.

وفهمنا وقتها إن الداخلية هي العدو الأساسي لينا، وإن النيابة في الآخر مش حتقدر تنفذ غير القانون، وحتى لو ما قدرتش تنفذ القانون، على الأقل هتحافظ على الحد الأدنى من سلامتك.

وفعلا ده كان الواقع وقتها، وكانت النيابة فعلا هي أقل سلطات الدولة فسادا، وكل ده كان بيحصل وقتها في ظل قانون فاسد اسمة قانون الطوارئ.

أما الآن.. فلنا الله.

تحولت النيابة تحولا غير طبيعي، أصبحت أشبه بالبلطجي الأول للسلطة، وهذه ليس مبالغة مني في وصف الوضع الكارثي الذي وصلت له النيابة الآن.

أصبحت النيابة هي من توجه الداخلية لكيفية تلفيق الاتهامات.. أصبحت النيابة هي من تتستر على الخطف والقتل والتعذيب.. أصبحت النيابة جزءا أساسيا في منظومة التنكيل بكل من تسول له نفسه أن يعارض هذه السلطة.

النيابة العامة، أصبحت خصما لكل صاحب رأي يعارض رأي السلطة، وأصبحت عاجزة بشكل كامل عن حماية المتهمين أو الحفاظ على حقهم في الدفاع عن أنفسهم، أو حتى حقهم في إجراءات قانونية سليمة خلال سير التحقيقات.

وبشكل علني غير مسبوق، أعلن محققو النيابة العامة في أكثر من موقف أنهم ليسوا أصحاب قرار، وأن القرارات سياسية، وليس لهم دخل بها!

\”يعني همّا صورة لا أكثر ولا أقل، تكمل بها السلطة مسرحية المحاكمات الوهمية لمعارضيها\”.

والأخطر من كل هذا أن تكون النيابة هي المظلة القانونية لكل القمع الذي تقوم به السلطة ضد معارضيها أو ضد أي إنسان قرر في لحظة أن يقول رأيه في أي شيء، ولسوء حظه رأيه يأتي مخالفا لرأي الحاكم أو أحد سلطاته.

وبشكل غير معلن بيننا كمحاميين ومدافعين عن حقوق الإنسان، صرنا على قناعة تامة أنه لا جدوى قانونية في التعامل مع النيابة، وأنها خصم حقيقي لنا في أي قضية تُصنف سياسية أو قضية رأي أو حتى قضايا جنائية عادية، فكل دورنا -للأسف- ينحصر في تقديم الدعم النفسي والمعنوي لزملائنا المعتقلين، وفي فضح كل انتهاكات النيابة التي لا حصر لها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top