زهقان؟ متضايق؟ زهقت من البلد والعيشة والدنيا والناس؟ عمال تشتم في البلد والشعب والحكومة والحياة وكل حاجة؟ مبروك, أنت كده وصلت لقمة السلام مع النفس والعالم.
في آسيا كانوا زمان بيتكلموا عن النيرفانا, حالة التأمل الأسمى.. الوصول للتناغم الكامل بين أفكارك وبين العالم الخارجي بدون أي منغصات أو قلق أو اكتئاب.. السيد بوذا قالك: ممكن نحققها بالاستغناء, يعني لو أنت أصلا مش عايز الحاجة خالص ومابصتلهاش وخليت نفسك مبسوط بغض النظر عن اللي معاك, حتوصل للحالة دي, بمعنى أصح, لو عربيتك مش عاجباك ماتبصلهاش أصلا, انزل من العربية واستغنى عن العربيات وعود نفسك على كده, بالتالي مش حتبقى عايز عربية أحسن ولا عايز فلوس أكتر، عشان حتعمل بيها إيه, وهكذا بالنسبة للستات والعيشة وحتى الهدوم.
عندنا في مصر غالبا نظرا لأن ماعندناش غير طبيعتنا النيلية الهادئة وإحساسنا إن كل قوى الطبيعة أكبر مننا (المصري القديم ماكانش يعرف النيل بيفيض ليه, فبدل ما يحاول يوقفه لأنه أكبر منه بكتير, اتعلم يستفيد من الوضع الحالي وخلاص) طبعا زود على ده إن كان عندنا احتلال دائم ومستمر, فحتى الإرادة والإصلاح كان أكبر مننا وبيتعمل بأيد غيرنا، فابتدينا نعظم الغير ونحتقر نفسنا, لأن كمان الغير ده كان عنده القدرة على تحدي الطبيعة نفسها وعمل الحاجات اللي عمرنا ما حنفكر نعملها, مسببا لينا عقدة خواجة مزمنة وعقدة تانية ماحدش بيتكلم عنها وهي عقدة كره الذات.
أكتر ناس بيكرهوا المصريين وبيحتقروهم هما المصريين على فكرة, وبرغم إننا مش وحشين أوي كده, لكننا شايفين نفسنا أوحش ناس في الدنيا (بص على حوادث الهند اللي بيموت فيها أكتر من ١٥٠٠٠ واحد على حوادث الطرق، واستخراج الرخص عندهم أسوأ مننا بكتير, وراجع ده مع خطاب عمرو أديب الهايل اللي بيتهم فيه شعب مصر كله بأنه شعب فاشل)
أنا شايف إننا دايما بنركز على المشكلة, ونلطم عليها, ننفعل ونموت من العياط, بعدين تنتهي وتموت ونلاقي مشكلة جديدة نلطم عليها, وبعد ما نخلص كل مشكلة بنوصل لمرحلة الاكتئاب ونقف, يعني باختصار, البلد تتنيل كل اللي نقوله: آه ما هي بلد بنت كلب مالهاش أي لازمة وشعب همجي كلب, ونجري ناكل مكدونالدز ونلبس سينييهات ونستهبل في المرور ونرشي ونعمل كل الحاجات اللي بيعملها الشعب ابن الكلب ده عادي جدا.
الشعب المصري وصل للنيرفانا عن طريق الاكتئاب، وده ليه فوايد كتير جدا:
أولا: حتبطل تحاول تبقى احسن, خلاص أنت وصلت لحل إن البلد رايحة في داهية وإن مفيش فايدة في الشعب, هيا بنا مانحاولش نبقى أحسن بقى.
ثانيا: حرقة دمك وأعصابك دي مش حتبقى موجودة, ماخلاص الأمر الواقع استلم الأمر, بالتالي حتفرق إيه لو اتنرفزت ولا بقيت كويس (قارن ده بالمصري القديم وهو بيلاقي هدومه وبيته بيغرقوا كل مرة من غير ما يعرف السبب، فقرر إنه يبقى هادي خالص ويروح يبني بيته بعيد)
ثالثا: مريح أوي الاستسلام, حتبقى ماعندكش أي مشاكل لو اعتبرتها من وقائع الحياة, أكيد لو اعتبرت التبرز مثلا مشكلة ولازم تتوقف عنه حيبقى متعب جدا إنك تكمل, لكن لو تعايشت معاه على إنه واقع, خلاص, حتبقى مستريح أنت وكل اللي حواليك، اعمل إيه يعني؟
رابعا: بيتيحلك إنك تعمل اللي أنت عايزه: ماحنا اتفقنا إن مفيش فايدة, حتفرق إيه لما ارمي زبالة في الشارع بقى؟ ما هي عمرها ما حتنضف, ادفع ضرايب ليه ما هي بتتسرق, امشي عدل ليه, ما هي مش حتتعدل أبدا.. وهكذا.
خامسا: بتخليك منتمي للناس وموقفكوا واحد, لو كلكوا فكرتوا بالعقلية دي مع بعض, حيبقى فيه اتفاق جمعي جميل كده بنشوفه كل يوم في الشارع, امشي بالعربية في أي اتجاه وأنا حافاديك واخليك تعدي, ما هي كده كده بايظة.
اخيرا: عزيزي المصري لو اكتئبت أو اتضايقت أو قرفت، ماتقلقش, أنت كده وصلت للنيرفانا.. ارمي بقى زبالة في الشارع براحتك واركن غلط زي ما أنت عايز وارتشي واسرق وماتشتغلش وكل واشرب ونام واتجوز زي أي خنزير بري في غينيا، واحمد ربنا على نعمة إنك مصري.