أول حاجة فكّرت أكتب عنها في المقال ده، هي السكس!
إحنا مُجتمع بيمارس كل أنواع السكس إلا السكس نفسه، وده من خلال التهديد مثلا: (سأضاجع أفكارك، لا تمارس الجنس مع دماغي كي لا أمارس الجنس مع أموات عائلة والدتك).. الجنس بالنسبة لنا بقى صيغة مبالغة: الحوار ده جامد \”جماع\”! وأحيانا صفة (فلان النهارده إتصّل بيّ وكانت مكالمة \”مارست الجنس\” مع اليوم بتاعي).
هذا الهوس – ولا أستثني نفسي منه – أصاب المجتمع بعدد من السمات أهمها وأبرزها عدم القدرة أصلا على ممارسة الجنس، إلا يعني لو الـ400 نوع مُقوّي جنسي دول.. حريمي!
بالظبط! عندنا مشكلة وفضيحة علنية في عدم قدرتنا على ممارسة الجنس، طبعا علنية، لما تفتح قناة تلاقي رقاصة في نص الشاشة وفوقها وتحتها شرايط دعائية مليانة منتجات من عينة الحصان الذهبي – الخرتيت أبو سن – الفيل أبو زلّومة! لاحظ أنها كائنات أبو حاجة إسطوانية الشكل!
ويمكن ده أحد أسباب التحرُّش على فكرة.. إن المسك والحك ده آخرنا كمجتمع \”ذكوري بالمناسبة\”، وطبعا سر الشعلقة في صفة الذكورية دي لإن ذكور المجتمع أصلا بيحاولوا يقفشوا في أم أي حاجة باقية لهم من صفات أو قدرات الذكور!
في المراحل العمرية الأولى من حياتي، كنت بحب جداً أسمع الكُبار وهم بيتكلّموا عن الجنس.. كان في ألاعيب كتير أبسطها تقمُّص شخصية الطفل العبيط في القعدة، أو شخصية المخترع الصغير اللي مش مركّز معاهم أصلا، ومشغول بالمكعبات أو الميكانو، وكنت بلاحظ في المعلومات الفرط اللي بفهمها، إن الموضوع معتمد على المزاج مثلا، أو أكلة سمك وجرجير، ويمكن ده من الحاجات اللي خلّتني مرتبط بالطبقين دول ارتباطا مُبالغا فيه، على أمل إني أكون إله الجنس عند الإغريق يوما ما.
كبرنا.. قرينا، وجرّبنا حاجات كتير، وتم إحراجنا بشكل \”مُدوّي\”، لإننا اعتمدنا على ثقافة سمعية من ناس لا تفقه \”فن الانبساط\”.. ما هي حاجة بالعقل يعني: رب الأسرة اللي لما بيحن ويحب يخرّج أسرته، ويبقى ماشي مجرجرهم وراه ع الرصيف، وبيزعّق للعيال في وسط المطعم، وبيضرب بنته الصغيرة بالقلم في السينما، ومكشّر وبينده لمراته في الشارع باسمه أو اسم ابنهم.. ده بروح أمه يعني هيتبسط إزاي؟ (ولسّه متكلّمتش عن إزاي يبسطها بقى!)
مجتمع مذعور على طول الخط، والمُحرّك الأساسي لاختياراته وقراراته هو الخوف، والخوف بيبقى في المُطلق كده.. يعني إحنا الحمد لله بنتميّز بقدرة خرافية على إيجاد أسباب للخوف، وإيجاد مُبررات لإننا نخاف، ولما نغلب خالص نقول: برضة الأمر ميسلمش! لدرجة إن أعظم منتخب كورة في التاريخ كان بيرجّع الكورة للجون.. والجون كان بيمسكها برضه، وينام ع الأرض.. على بطنه طبعا! (وده مش إفيه جنسي بس انت قرّبت)
بنخاف نسب للدنيا ونقرر نتبسط.. عندنا إحساس تراكمي ضخم بالرفض.. مرفوضين من كل الطبقات والدواير الاجتماعية المُحيطة.. مرفوضين من الأهل، والمؤسسات التعليمية، والحكومات، والنسايب، والجيران، والدنيا والناس والزمن!
التعميم جريمة.. أنا عارف، لكن أعتقد إن كل حاجة في حياتنا عشان ننجح فيها محتاجة واسطة، ويمكن ده اللي مخلينا في عز ما إحنا عرايا –والمفروض إننا- متجرّدين من كل حاجة مش بس الهدوم، بنكون محتاجين واسطة تعدّي بينا لهذا الانبساط اللي برضه بقى انبساط صيني.. حاجة كده دمها تقيل، مش طعم، ومش نكهة!
ما بالك بقى لو اتعلّمنا نحب؟ ونقبل بعض زي م إحنا بعيوبنا قبل الكام حاجة الحلوة فينا؟ اعتقد لو الدنيا مقفلّة في وشنّا وهموم الدنيا على دماغنا.. ساعتها بس هنتبسط بأقل حاجة.. مش بس السكس!