ربما يحتاج المرء أن يهرب من حرصه على أن يكون جادا, ربما تأذينا لأننا أعطينا الحياة قيمةً أكبرَ مما تستحق, ما تفعله أغاني فيروز هو أنها تجعلنا نستهزيءُ بكل الأشياءِ الجادة المزعجة.. تقول لنا إن آذاكمُ الحرَّ، فلا تفكروا في تجنب الموت أو الإصابة بالإجهادِ الحراري، فالموتُ على أي حال ليسَ بتلكَ الفظاعة لنهرب منه, دعكَ من الخوف وفكر معي بالمنطق، لما لا نلقي دلاء من المياة المثلجة فوق الشمسِ لنقلل من تسعرها قليلا.. هيا هاتِ الدلَ ولا تحكِ لي عن تخوفاتك عن الفقر المائي وخلافه، فإننا سنملأ دلائنا من منابعِ الأمطار القابعةِ في السحابِ, لا داع للقلق من أي شىء.. تليفون واحد لجارنا القمر وكل شىء سيصبح على ما يرام, فما أتفه الأشياء التي تزعجنا لننشغل بها كرا وفرا.
طيري يا طيارة..
أخذتنا تحديات الحياة ولطالما نصحنا خبراء التنمية البشرية أن نتخلى عن تعقب أخطاء الماضى, كان هذا خطأ، ربما اكتشفنا أننا لا شىء إذا لم نعشق طفولتنا، ونعود بخيالنا لنطير طيارة على سطح الجيران, ربما كان علينا أن نعانق طفولتنا وننهل من منابع الصفاء والعفوية والطيران عبر الزمن بلا عائق ما.
الكذب مش خطية
ربما شغلنا قلقنا من المستقبل وحرصنا على أن لا نصاب بالأمراض وأن لا يؤول بنا الحال إلى الفقر المدقع أو إلى الفشل في تحقيق أحلامنا، ربما كل ما علينا هو أن نمني أنفسنا بألوان قوس قزح التي نقبل عليها, ربما كان ما يزعجنا حقا ليس إهمالنا، وإنما مبالغتنا في الاهتمام, دعنا نتخيل أن كل الأخطاء سببها جارتنا الحسود.
مرسال المراسيل
دائما هناك من يستطيع تجاوز الأسوار ليبلغ السلام لمن نحب ويشكوا له أنيننا, قد يكون هذا المرسال مجهولا أو طيرا أو جارنا القمر, لا يهم, المهم أن رسائلنا تصل للشخص المقصود على العنوان المحدد بدقة, ويمكننا أيضا أن نهدي من نحب شيئا مما نسجته له مهجنا من خيوط ملونة ممزوجة بأغنيات الصبيان السمر آملين في أن تضمن لنا هديتنا أن نظل مذكورين لديه فهذا كل ما نرغب فيه.
بيطلع ع بالي نرجع أنا وياك
كل الأشياء جائزة.. إن رسبت في امتحان لا تجلس حزينا ولا تحاول التعلم من أخطائك، ثم تناسى ذلك الماضي كما ينصح خبراء التنمية البشرية, وإنما عليك أن تذهب وتقترح على دكتور المادة التي رسبت فيها أنك تقدر العلم وتحب تلك المادة وترى أنك جدير بالدرجة العلمية التي فاتتك برسوبك فيها, هكذا بتلك البساطة, فقط عليك أن تخبره بذلك واتركه وارحل، ولا تنتظر منه ردا, هكذا فعلت فيروز مع حبيبها الذي يبدو أن أمها رفضته، ثم تركها وسافر وتزوج وأنجب أطفالا, دون أن تشعر أن هناك مشكلة ما.
لذا من غير المنطقي أن تشتكي الحر أو أي من المشكلات الأخرى, وإنما تخبرك فيروز أنه ربما عليك أن تتخذ خطوات أكثر إيجابية، فتجلس مع فصل الصيف وتتفاوضا وتخبره أنه تجاوز حدوده وأن هذا ليس في صالحه مطلقا، لأنك لن تسكت على هذا، وسوف تشتكيه للقمر والنجوم والطيور وأوراق الشجر, وبالطبع لن يمانع أولئك الأصدقاء الأوفياء من مساعدتك في إيجاد حل ما, أعتقد أنه ربما علينا أن نرشي الشمس فنغني لها \”طلعت يا محلى نورها شمش الشموسة\” ثم نمضي لحال سبيلنا ولنجعل صوت فيروز يعوضنا عن المثلجات أثناء عملنا وسعينا المضني من أجل لقمة العيش، وكل تلك الأشياء المزعجة التي تسمي المستقبل والمسؤليات والهموم!