علا جاب الله تكتب: لا تمنحي أحلامك "استمارة 6" لصالح "تربية العيال"

– بتشتغلى إيه؟

– بربى عيالى وافتخر.

هكذا قالتها بصوت عالٍ تشوبه المرارة، وكأنها تدافع عن نفسها.

هى إحدى صديقاتي، تعرفت عليها مؤخرًا. تأملت إجابتها تلك فى تعجب، وخاصة أنها تكلفت بشكل واضح لتبرز مدى \”فخرها واعتزازها بما تفعله\”، رغم عدم اكتراثي، فالزوجة الأم لها كل التقدير والاحترام، ولكن بدأت بعض التساؤلات تدور فى ذهنى \”هل هذه أحلامها؟ هل فعلا تفتخر بما تفعله، أم أنها استسلمت وقررت عيش أحلام غيرها.. أحلام زوجها وأولادها؟ هل هى راضية أم لا؟

وحينها، تذكرت المثل الذي يقول \”ضل راجل\”، فعلى الرغم من قساوة المثل، إلا أنه عبقري فى مضمونه، \”فظل الرجل\” يا سيدتى لا يقتصر على الرغبة فى الزواج سريعا للتخلص من هجوم المجتمع والأهل، ولكن أيضا يشمل التخلى عن أحلامك وطموحاتك لتعيشي أحلام وطموحات زوجك وأولادك، فعندما تتسرب أهدافك وأحلامك من بين يديك كالرمال الناعمة، حينها تهرولين سريعا للعيش فى حلم آخر لم يكن حلمك.. حلم قصير المدى.. حلم سيتم الاستغناء عنك فيه، لتحصلي على استمارة 6.

هذه الكلمات ليست سخرية من دور الأم أو الزوجة، ولكن يكمن الأمر فى تحديد الهدف، فإذا كنتِ تريدي أن تكونى أم أو زوجة، فلتكونى ما تريدين، ولتستنفذى كل حبك ومجهودك وطاقتك فى طرح هذه الثمرة، ولكن المشكلة تكمن فيمن تتخلى عن أحلامها وطموحاتها استسلاما أو ضعفا أو عدم قدرة على المثابرة لتحقيقها -ومن منظورى الشخصي- هذه النوعية من الزوجات هن من يسببن ما يسمى بـ\”النكد الزوجى\” الذى يخلف وراءه العديد من العقد النفسية للأطفال، والكآبة المستمرة للزوج.

فالكآبة المخيمة على بعض البيوت يكون سببها الرئيسي زوجة غير متحققة، نعم فبعيدا عن المشاكل الزوجية وضغوطات الحياة التى لن اتطرق إليها، فإن الزوجة التى كان لها أهداف وأحلام كبيرة قبل الزواج، ثم استسلمت بعد الزواج ولم تحقق منها شيئا، وخطفتها السنوات دون أن تدرى، هي الزوجة الأكثر عرضة لهزة نفسية عنيفة تنتج عن إحساسها المستمر بعدم العرفان بالجميل من قِبل الزوج والأولاد، ثم تصل إلى مرحلة تقمص دور الضحية التى أفنت شبابها وقتلت أحلامها من أجل هذه الأسرة، ولا ينتج عن هذه الزوجة إلا نكد ما بعده نكد.

لذا.. لا تستسلمى وتستغنى عن أحلامك سريعا، وإلا ستعم سحابة من الكآبة تسيطر عليك، ولن تستطيعى التخلص من أمطارها سريعًا، وهذه الهزة النفسية تنتج عنها أيضًا مصائب أخرى تصل إلى حد إفساد حياة الأبناء، خاصة الذين وصلوا إلى مرحلة النضج، حيث تسعى الأم دائمًا للتدخل في حياة أبنائها دون رغبة منهم، الأمر الذي قد يصل إلى \”خراب بيوتهم\”، فعدم احتياج الأبناء للأم في مرحلة متقدمة من عمرهم، هو اعتراف ضمنى بأن ما قامت به الأم هو \”هدف قصير المدى، وليس طويل المدى. وهنا تشعر بأنه لم يعد لها دور، وتبدأ في هذه المرحلة الكثير من المشاكل.

لذا.. فكرى جيدًا فى أحلامك وطموحاتك، واسعي إلى تحقيقها ولو بشكل جزئي، ولا تجعلى الزواج والأسرة تسرق أحلامك دون أن تعي، فتربية الأبناء ما هى إلا مهام \”قصيرة المدى\”، ومن ثم قد تستيقظى على كابوس عدم الاحتياج إليك، ولذلك يجب أن تسعي لتحديد هدفك في الحياة، وأيًا كان الهدف، فعليك أن تكونى راضية ومؤمنة به ما دام أنه حلمك أنتِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top