علا جاب الله تكتب: "حلل المحشي" تغزو شواطئ مارينا

عند الحديث عن (الطبقية) في مصر دون مسميات معقدة كـ\”البرجوازية المتعفنه\” ومفاهيم كارل ماركس الأكثر تعقيدًا، نجد أن المتهم الأول فيها هي الطبقة الوسطى من المجتمع، والسؤال: \”ليه الطبقة المتوسطة \”بتعيش\” على بعض؟

للأسف، الطبقة الوسطى هى التى نمَّت وغذَّت مفهوم \”أنتم.. ونحن\” مؤخرًا فى مصر.
الطبقة المتوسطة هى التى طارت فرحًا \”بمارينا\” ظنًا منها أنها ستتخلص أخيرًا من شواطئ الإسكندرية ورأس البر، ممنية نفسها بالابتعاد عن \”هؤلاء الرعاع\” و\”حلل المحشى\”.. لماذا؟
لأننا ببساطة \”شعب طبقى بطبعه\”، فنحن نقيس الناس على إعوجاج ألسنتهم، على لون ملابسهم وأشكالهم، على أنواع سياراتهم، حتى لون الشعر.. آه والله لون \”الشعر\”، فقد أصبح دليلا على أن الفتاة أو السيدة من بيئة جيدة و\”بنت ناس أكابر ولا لأ\”!

بالطبع نلامس هذه المواقف يوميًا وقد نشعر بها فى نظرات الناس لأشخاص دون غيرهم.

ولكن أن يصل حد الطبقية إلى طلب بعض الشواطئ والكافيهات \”حسابك على موقع الفيسبوك\” للتأكد من شكلك ومعرفة إذا كنت \”ابن الناس الكويسين ولا لأ\”، فهذا يتعدى حتى حدود المنطق الطبقي!

ولكن للأسف الطبقة المتوسطة هى الملامة، فهى من نصبت هذا الشرك لنفسها.
لأن -ببساطة- هؤلاء الذين ننفر من \”حلل المحشي\” خاصتهم، لم ولن يفكروا فى دخول مارينا أو جولف العين السخنة أو غيرها، لأن تلك الأماكن ببساطة فوق مستواهم المادى، غير أنهم لا يطمحون فى الذهاب إليها، فهم يريدون مكانا ينعزلون فيه عن أعين الغير دون نقد، دون تكلفة \”يكعوا فيها اللى قدامهم واللى وراهم.. ببساطة بيفرحوا على أدهم.
إذًا فلمن توجه نقدك، ولماذا تحاول أن تتعارك مع من هم دون طبقتك لمجرد تواجدهم فى مكان ما بحثًا عن بعض ساعات أو أيام قليلة من المتعة، فهذه الطبقة، قد تكون ذات الطبقة التى نشأت أنت وتربيت فيها قبل أن تنتقل للطبقة التي تليها.

فسكان الطبقة الوسطى في مصر ينطبق عليهم المثل القائل \”اللي رقص على السلالم\”، فهم لا يستطيعون الاندماج مع الطبقة الأرستقراطية، وفى نفس الوقت يتنصلون من أصولهم الوسطية.. وهذه البرجوازية، كانت فرصة ذهبية لأصحاب \”الكافيهات\” والمطاعم وغيرهما لمزيد من المكاسب، عن طريق تغذية نار الطبقية بالمزيد من التمييز.

أما اذا تحدثنا عن الطبقة الأرستقراطية أو \”الإليت\” كما نسميها اليوم، فهي بريئة للأسف من أفعال اليوم، فهي لا تعبأ بنا ولا بسلوكياتنا، لأنها ببساطة الطبقة الموجودة فى \”هاسيندا\”، وهى التى تنعم بسفريات باريس وإنجلترا.

شريحة الأرستقراطيين في المجتمع لا تعرف معنى \”كارنيهات الشواطئ، ولا \”حلل المحشي\”، وهى ذاتها الطبقة التى كلما نزحت وحاولت التفرد والابتعاد عن صخب المدينة، طاردتها الطبقة الوسطى وحاولت الاحتكاك بها رغم كل الفوارق الثقافية والمادية والاجتماعية!

فمن بدأ هذه المعركة التي تحولت إلى مهزلة؟ للأسف، هي الطبقة الوسطى بالمجتمع، وكما قال الكاتب الروائي الكبير أحمد خالد توفيق في روايته (يوتوبيا): \”الانفجار لم يقض على الطبقة الثرية، بل تحول المجتمع إلى قطبين وشعبين\”.

إذًا هل نحن بصدد المزيد من الانقسامات فى نفس الطبقة؟ هل نحن نعلن طبقيتنا ونسعى إليها بخطى واثقة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top