أعتقد أنه لا يوجد أحد فينا ينسى تلك الجملة الشهيرة بمسرحية \”مدرسة المشاغبين\”، والتي دارت بين الفنان الراحل عبد الله فرغلي، والذي كان يجسد دور الاستاذ الملاوني وأبطال المسرحية عادل إمام وسعيد صالح وأحمد زكى ويونس شلبي وهادي الجيار، وفي المسرحية كان الملاوني رجلا طيبا وأستاذا يسخر منه تلاميذه ويتفقون عليه حتى يقوم بخلع ملابسه قطعة قطعة.. مرددين: \”كل ما تتزنق اقلع\”، وخلع الملاونى ملابسه بعد أن ضحك عليه الطلبة، وهو الموقف الذي كان مبررا دراميا، لكن في مسرح أحداث اليوم، يوجد الكثيرون ممن يقومون بخلع ملابسهم قطعة قطعة متطوعين، ودون أن يطلب منهم أحد ذلك، وكلما زادت قدرة أحدهم على \”القلع\” دون أن يشعر بالحياء حتى أو يحاول أن يستر عورته، يخرج من ينافسه لدرجة أن يشعرك أنت وغيرك بأن الخلل يكمن فيك أنت.. أنت من يحرص على ارتداء ملابسه مثل البنى آدمين، وبالطبع الكثيرون منهم يدركون أنه كلما زادت قدرته على خلع ملابسه، كلما حصل على مكاسب أكثر، أو تسلطت عليه الأضواء أكثر وأكثر، بل إن بعضا منهم يتحولون إلى نجوم ينافسون نجوم السيما في التواجد، والأموال، التي يجمعونها والشهرة بكل أمراضها، ولم يعد الفارق كبيرا بين امرأة تكشف الجزء الأكبر من جسدها، لتحصل على مكاسب أكبر، وكلما \”قصرت جيبتها أو فستانها\”، أو ظهر جزء من صدرها وتمايلت واضعة يدها على طرف مكتب رئيسها وهي تحدثه ليرى المكشوف ويأمل في الجزء المستور بالكاد، ليحصلن على مكاسب أكثر.
بعض النساء يمتهن الرخص، ويكشفن ليحصلن على ما يطمحن إليه، خصوصا قليلات الموهبة، ومنعدمات الثقة، وصاحبات الطموح المدمر، والكثيرات منهن يتحولن إلى قصص تروى، وتلكوها الألسن، وسياسي يبيع كل شئ من أجل غاية أو مصلحة يهدف إليها، أو رجل دين يتواطأ مع السلطة ويبرر لها كل جرائمها بفتاوى تفصل تفصيلا على حجم الديكتاتور الجالس هناك على الكرسي، أو رجل دين آخر يسمح بتهجير أهل ديانته، لأن الأغلبية المتطرفة ارتضت ذلك، ويصمد ويرضخ، بدعوى أن الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، أو إعلامى يمثل على الشاشات دور المعارض، وهو عقل الديكتاتور، والذي يوصيه دائماً بأن يكون حاسما وحادا ويقطع الرؤوس والألسنة، وآخر قرر أن يخلع كل ما يرتديه ليأخذ مكانة زميله الإعلامى اللي عامل نفسه ديكتاتور، ليتصدر هو المشهد ويميل أكثر على آذان الحاكم أيا كان ذلك الحاكم وأيا كان توجهه، وهؤلاء الذين يملأون الصفحات بالأكاذيب، والذين يحاولون أن يقنعوا بعضنا بأن القادم أفضل، وأن كل ما يحدث لصالح المواطن المقهور، أو أستاذ الجامعة الذي يهدد بقطع الرؤوس وحرق الأكباد بعد انتزاعها، أو أولئك الذين يزيفون التاريخ ويضعون معلومات مغلوطة، أو مختزلة لصالح الملك الجالس على كرسي العرش، أو من يصنعون أغان مبتذلة تبتذل أسمى المعانى.
الفارق لم يعد كبيرا، بل تضاءل إلى درجة التماهي بين المرأة التي تمتهن جسدها أو تلك التي تتبع نظرية \”شوق ولا تتدوق\”، وهؤلاء الذين يخلعون طواعية.
كان الأستاذ ملاونى غلبان ولم يؤذ سوى نفسه عندما خلع ملابسه، وسخر منه تلاميذه، لدرجة أنهم حولوه إلى مسخة عندما لم يتبق له سوى \”لباسه\” الداخلي والذي تركه ليستر عورته، وقالوا له اقلع، فرد ضاحكا: \”لا أبرد\”، إلا أن خالعى الملابس فى هذا العصر لا يخشون من البرد، ولا يرغبون حتى فيما يستر عواراتهم.. ليس ذلك فقط، بل إنهم يحاسبونا نحن لأننا تجرأنا ورأينا عوارتهم!