عزة سليمان الشاهدة التي أصبحت متهمة.. تكتب لـ زائد 18 عن شيماء الصباغ والخوف وأشياء أخرى

\”شاهدة بالصدفة تتحول إلى متهمة.. لا يحدث هذا إلا في دول بوليسة استبدادية زي مصر\”!

هذا ما ختمت به شهادتي التي نشرتها يوم ٢٥ يناير ٢٠١٥ بعد خروجي من النيابة، وبعد أن أدليت بشهادتي في مقتل شيماء الصباغ، وتحولت بعدها إلى متهمة من قبل النيابة، وسط ذهولي، ذهول من معي!

أمس ٢٣ مارس 2015 تم تحويلي بشكل رسمي إلى متهمة بالخروج في مسيرة غير قانونية ومقاومة الشرطة!

اليوم اعلن أنني اعيش مرحلة انكسار كبيرة، ليس لأنني اتٌهمت، ولكن لأن الأمل يضيق أكثر فأكثر، والانكسار يتسع.

بعد موت شيماء، عشت حالة خوف رهيبة – اعترف أنهم نجحوا يخوفونا- فخلال دقائق معدودة، قتلوا فتاة بدون أي سبب غير أن الشرطة حبت تقول لهم: حتى أنتم.. فلا عزيز لدينا.

الناس اللي شايفة أن شهادتي بطولة، اقول لهم، إنها محاولة عجز وانكسار.. محاولة للدفاع عن حق فتاة لم استطع انقاذها أو مساعدتها للنجاة.. محاولة للتخلص من ذنب لم ارتكبه، ولكنه عاش معي لحظات كثيرة.. ذنب أنني اخفقت في سرعة التحرك وإنقاذها.

هذه معاناة عاشها ومر بها كل من التحق بالثورة وأحداثها، وشهد الكثير من المواقف الدموية التي لم يسعفنا الوقت للتحدث بها وعنها.. لم يتركنا الزمن للفضفضة والطبطة علي انفسنا.

بعد مذبحة رابعة، اغلقت الفيس بوك وابعدت نفسي عن أي أخبار، نظرا للحالة التي مررت بها خلال سنة، حاولت فيها أن احافظ على نفسي من أي أخبار دموية، وبالتالي ابتعدت من المواقف الدموية التي مرت بمصر.

لا أحد يتخيل الأيام التي عشتها بعد مقتل شيماء، أو صورة ابنها.

لماذا شيماء؟!

لأني شفتها.. شفتها وهي بتتقتل، وأنا عاجزة عن إنقادها.

روح خلال دقائق بتروح بدون أي ذنب.. روح بتنتهي بمشاعر باردة.. لسه فاكرة الشرطة وهي ملثمة٬ تخّوف من غير ما تتحرك.. من غير ما تضرب رصاص.. هما قاصدين يخوفونا.. يرعبونا.

مين فينا انتبه لكل المشاعر السيئة والمؤلمة اللي عشناها وهي بتاخد مننا وتأكل في روحنا.

وأنا باحاول اخفف عن ابني الأصغر، بكيت على بكائه، لأنه خاف عليّ، وقال لي: مش عايز حد ياخدك مني.

ابني يعيش حالة من الذعر نتيجة لمواقف عديدة تعرض لها على أيدي الشرطة والشرطة العسكرية، لم يستطع التخلص من هذا الخوف. بالإضافة إلى الضغوط التي لابد أن اتعامل معها من خلال خوف اخواتي وأهلي عليّ.

كلها ضغوط لم نلتفت لها خلال رحلة حياتنا.. نحن نعيش مصيبة كبيرة، فلا توجد دولة قانون.. مؤسسات العدالة تنهار.. الشرطة راجعة تدلدل جزمها علينا كلنا.. الواقع بيقول إن نظام مبارك قوي وأصبح أخطر من الاول ومخيف.

تجربتي كلها في حالة قتل شيماء تتلخص في التالي:

أن النظام مقرر يخوف ويخرس كل الأصوات حتى لو فكرت تقول الحق عبر شهادة.

يتم لوي كل القوانين والأجهزة لترسيخ سلطة النظام.

إنهاك أي فرد أو قوى تحاول أن تعبر عن أي استياء من النظام أو تساعد أو تدعم آخرين يتعرضوا للظلم.

أخيرا.. أؤكد أنني ضد كل المذابح التي حدثت، وضد التعذيب وضد القتل مهما اختلفت مع كل الأطياف السياسية، بل ومحاربة الإرهاب يجب أن تكون بالقانون.

دولة القانون هي المنقذ لنا جميعا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top