عبير سليمان تكتب: عريس من جهة أمنية

دي حكاية من حكاياتي ليها العجب.. يمكن تبين لكم مدى بشاعة الرجال في مصر.

تبدأ الحكاية يوم أن سافرت إلى مدينة نويبع كي أتعلم الغطس، هناك قابلت شخصا لطيفا جداً.. كان المصري الوحيد ضمن المجموعة، عرفني عليه مدرب الغطس، وقالي إنه ضابط في جهة أمنية، يعمل في منطقة البحر الأحمر.. اتكلمنا وضحكنا وغطسنا، وفي نهاية الرحلة طلب أنه يسافر معانا في نفس العربية، وعلى مدار ست ساعات كانت مليئة بالحكايات والشعر والأدب والضحك والتعرف على بعضنا، كان واضحا جدا إنه بيستلطفني.. طلب رقم تليفوني.. رفضت.. تحداني إنه يقدر يعرفه! وكل اللي في العربية شاركوا التحدي.. مسك تليفونه وقال لمحدثه:

\”محمد.. هات لي تليفون بنت اسمها.. اعمل لي بحث كامل على كل شبكات المحمول\”

وبعد عشر دقائق رن تليفونه، رد وقال:

ألو.. OK.. شكرا.

التفت لي وقال لي رقم تليفوني.. الحقيقة أني انبهرت – جهه أمنية بقى- وصلنا القاهرة بالسلامة.. كان هو أول واحد ينزل من العربية، بعدها دار الحوار عنه، ولأن مدرب الغطس صديق مشترك بيننا، كنت مهتمة أعرف رأيه في المز.

وتمر الأيام.. يرن تليفوني:

ألو

هاي

أنا …

أهلاااااااااان

عاوز أشوفك

خير

هقولك لما أشوفك

قابلته في مكان عام، ولأنه عارف من وقت الرحلة إني باحب الشعر.. جالي بقصيدة مليانه غزل وشجن وواحد ما بينامش الليل.. حكى لي عن جوازه السابق وعن بنته وطلاقه.. طلب أنه يعرفني أكتر، لأنه حاسس بمشاعر قوية تجاهي، ولأني مش لاقية جوايا مشاعر حب ليه.. بس لاقية بنت عانس نفسها تحب وتتحب وتتجوز.. تجاوبت.

وتمر الأيام وبينا تليفونات على شاكلة المقابلة الأولى، بس على فترات متباعدة، وفي كثير من الأحيان، كنت بارفض مشاعره، لأني من جوايا مش قادرة أحبه.. بس باستلطفه.

كلمني في يوم، وطلب مني بلهجة آمرة أن أقابله في فندق معروف. مستنيكي في الريسبشن.. الأمر خطير!

وقفل السكة، ولمعرفتي بطبيعة عمله ولخبراتي السينمائية والتلفزيونية بهذا العالم، قررت أروح، ودماغي مليانه بمغامرات الشياطين الـ 13 ورجل المستحيل والمغامرون الخمسة.

كان في احتفال كبير في منطقة الهرم – مكان سكني وقتها- موقف المرور في كل شوارع القاهرة الكبرى وضواحيها.. المهم وصلت في أربع ساعات.. مالقتهوش في اللوبي.. كلمته على التليفون.. قالي:

أنا فوق في غرفى رقم كذا.. اطلعي.

احتديت وقلت:

إيه التهريج ده.. اتفضل انزل.

رجع تاني للهجته الوظيفية إياها:

مفيش وقت للتهريج بتاعك ده وشغل العيال.. اتفضلي اطلعي.

بيني وبينكم خفت، وحسيت من لهجته إني مقبلة على مهمة وطنية من العيار الثقيل، وطلعت وأنا باتلفت ورايا، وموسيقى \”رأفت الهجان\” مالية عليا السمع.. فتح الباب.. شدني من إيدي بسرعة، وهو بيتلفت يمين وشمال.

خير إيه الموضوع؟

بحبك

….. (صمت مطبق)

بس جوايا.. كنت بقول: يا نهار أسود.. كل الأفلام دي والـ SUSSPENCE و\”رأفت الهجان\”، و\”جمعة الشوان\”، علشان يقوللي باتنيل بحبك؟!

مش هاطول عليكم.. حاول يبوسني.. حاول يحضني.. حاول حاجات كتير، ولأني مش بس بالعب رياضة عنيفة.. لأ ده أنا كمان ربنا وهبني صوت حياني يقدر يفضح أي حد، إن شالله في صحراء.. كف عن محاولاته.. رجع للشعر تاني.. مالقاش فايدة.. حاول بكل الطرق، ومالقاش فايدة من الجبلة اللي هي حضرتي.

بص لي بعيون مليانة غرام:

تتجوزيني؟

أصابتني حالة بلاهة، فقرر يعترف بالحقيقة اللي لازم أحتفظ بيها لأنها سر وطني خطير.. اسمعوا وعوا:

أنا مسافر بكرة الصبح لمكان، مش هقدر أقولك فين.. في مهمة وطنية، والله أعلم إن كنت هارجع منها ولا لأ.. حتى أمي ما تعرفش إني مسافر.. عاوز أمل أرجع ليه.. ممكن تكوني إنتي الأمل ده؟ تقبلي تتجوزيني؟

ولأني بحب وطني و\”رأفت الهجان\”، وحلم الجواز بيراود أفكاري، قلت أديله الأمل:

سافر وارجع.. هتلاقيني مستنياك.. وساعاتها نتناقش في موضوع الجواز. حاول تاني وتالت ورابع.. بس على مين.. كان صوتي إياه وسيلة دفاع قوية، خلته يخاف على سمعته جوه الفندق.

قررت أمشي.. طلب مني إني أكلمه علشان يطّمن إني مستنياه، مع العلم إنه مش دايما هيقدر يرد على تليفوني نظرا لظروف المهمة إياها، ودعته وإديته أمل في وجودي جنبه.

تاني يوم الصبح كلمت صديقنا المشترك –مدرب الغطس- لأنه صديقي، ولأنه يعرفه أكتر مني، وعشان احكي له، وأخد رأيه.. ضحك صديقي بأعلى صوت سمعته في حياتي، وقعد يحلفني:

هو فعلا عمل كده؟ هاهاهاهاهاهاهاها هو فعلا قالك كده؟ أصله كلمني إمبارح يعزمني على فرحه النهارده.

ضحكت لغاية ما بطني وجعتني من كتر الضحك، ورفعت سماعة التليفون وكلمته:

إيه الأخبار؟ سافرت؟

أيوه.. (بصوت واطي)

رديت بنفس طبقة الصوت:

ألف مبروك على الجواز.

……

قفل السكة، ومن يومها ما شفتوش.

\”ملحوظة: نمرة تليفوني كان سامعني وأنا بديها لسكرتيرة مركز الغطس\”

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top