طارق العوضي يكتب: هذا دستوركم يشهد عليكم.. قانون التظاهر في خبر كان

زوال كافة أحكام وآثار القرار بقانون 107 لسنة 2013:

– وجوب إصدار الأحكام ببراءة جميع المتهمين في القضايا المنظورة حاليا، والإفراج الفورى عن جميع المحبوسين على ذمة ذلك القانون، أو صدر بحقهم أحكام، ولو كانت نهائية وباتة.

وذلك للأسباب الآتية:

– أن القرار بقانون 107 لسنة 2013 قد أصدره الرئيس المؤقت للبلاد المستشار عدلي منصور، وتم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 24 نوفمبر 2013 بالعدد 47 مكرر.

– أن القرار بالقانون سالف الذكر قد صدر فى ظل الإعلان الدستورى الصادر فى 8 يوليو 2013 استنادا إلى بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الصادر فى 3 يوليو 2013، والاعلان الدستورى الصادر فى 5 يوليو 2013، والذى نص فى المادة 24 منه على أن:

(يتولى رئيس الجمهورية إدارة شئون البلاد، وله فى سبيل مباشرة السلطات والاختصاصات الآتية:

1- التشريع بعد أخذ رأى مجلس الوزارة، وتنتقل سلطة التشريع لمجلس النواب فور انتخابه – 2 3 4 5 6 7 8 .)

هذا وقد ورد بالبند السادس من بيان القيادة العامة للقوات المسلحة الصادر بتاريخ 3 يوليو 2013 تحت مسمى خارطة الطريق:

وتشتمل هذه الخارطة على الآتي:

– تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت… إلخ ما ورد بالبيان.

هذا وقد نصت المادة 108 من دستور 1971 على أنه:

(لرئيس الجمهورية عند الضرورة وفى الأحوال الاستثنائية وبناء على تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثي أعضائه، أن يصدر قرارات لها قوة القانون، ويجب أن يكون التفويض لمدة محدودة، وأن تبين فيه موضوعات هذه القرارات والأسس التي تقوم عليها، ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب فى أول جلسة بعد انتهاء مدة التفويض، فإذا لم تعرض أو عرضت ولم يوافق المجلس عليها، زال ما كان له من قوة القانون.)

كما نصت المادة (131) من دستور 2012 على أنه:

(عند حل مجلس النواب، ينفرد مجلس الشورى باختصاصاتهما التشريعية المشتركة؛ وتعرض القوانين التى يقرها مجلس الشورى خلال مدة الحل على مجلس النواب، فور انعقاده، لتقرير ما يراه بشأنها.

وعند غياب المجلسين، إذا طرأ ما يستوجب الإسراع باتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، يجوز لرئيس الجمهورية أن يصدر قرارات لها قوة القانون، تعرض على مجلس النواب ومجلس الشورى – بحسب الأحوال- خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انعقادهما.

فإذا لم تعرض، أو عرضت ولم تقر، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها عن الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار بوجه آخر).

وتبنى الدستور المصري الحالى ذات المبدا في المادة 156 منه، والتى نصت على أنه:

(إذا حدث في غير دور انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، يدعو رئيس الجمهورية المجلس لانعقاد طارئ لعرض الأمر عليه، وإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يوما من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش، أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار).

وبالبناء على ما تقدم، فقد نصت جميع الدساتير المصرية على وجوب عرض القرارات بقوانين التى تصدر عن السلطة التنفيذية استثناء فى حالة غياب السلطة التشريعية على البرلمان خلال أول انعقاد له.

إلا أن الواقع العملي قد شهد:

رفض الحكومة عرض القانون على مجلس النواب تحت زعم أن القانون قد صدر فى ظل الإعلان الدستورى، ولم يرد نص بهذا الإعلان يوجب عرض القرارات بقوانين التى يصدرها الرئيس (المؤقت) بصفة استثنائية على البرلمان في أول دور انعقاد!

– ولما كان هذا التصريح من الحكومة المصرية لا يمكن التعويل عليه، باعتباره ليس فقط مخالفا للقواعد الدستورية الراسخة فى جميع الدساتير المصرية، وإنما أيضا لأن مثل هذا التبرير من جانب الحكومة، فيه انتهاك واضح للمبادئ فوق الدستورية، وأهمها مبدأ الفصل بين السلطات.

وهذا منعا للجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بيد إحداهما حتى لا تتغول إحداهما على الأخرى، وإدراكا من المشرع الدستورى لخطورة ما يمثله الجمع بين السلطة التنفيذية والتشريعية من بداية الاستحواذ على السلطة ودمجها بطريقة غير مقبولة، خاصة وأن الديمقراطية تفترض الفصل بين السلطات الثلاث، وليس تغول سلطة على أخرى، خاصة سيطرة السلطة التنفيذية على التشريعية، ولو بطريقة مغلفة بالديمقراطية.

ذلك أن تحقيق الفصل المتوازن بين سلطات النظام السياسي الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) وتفعيل الرقابة المتبادلة بينها، واحترام كل منها للاختصاصات الوظيفية المنوطة بالسلطة الأخرى -وفقا للقواعد الدستورية والقانونية المرعية والمعتمدة- يساعد على بناء نظام الدولة الديمقراطي.

وفضلا عن ذلك فإن بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الصادر فى 3 يوليو 2013، قد نص على تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت لإجراء تعديلات دستورية عليه.

وتعطيل العمل بالدستور لا يمكن اعتباره إسقاطا للدستور، خاصة وأن التعطيل كان مؤقتا ومسببا بإصدار تعديلات دستورية عليه، وقد نص الدستور المعطل والدستور الجديد على وجوب عرض القرارات بقوانين، التى تصدر عن رئيس الجمهورية في حالة الضرورة، واستثناء على البرلمان فى أول دور انعقاد، وخلال 15 يوما، بما يعنى اتجاه وتصميم الإرادة الشعبية على عدم المساس بتلك الضمانة الدستورية، وهو ما يؤدى حتما إلى نفاذ مفعول ذلك النص وسريانه حتى خلال فترة التعطيل المؤقتة.

وعليه، فإن الأثر الواجب إعماله الآن أمام القاضي المصرى عند نظر دعاوى تتعلق بهذا القانون، أن يحكم ببراءة المتهم من هذا الاتهام، وذلك لعدم خضوع الفعل للتجريم، وإعمالا للمبدأ الدستورى، أنه لا جريمة ولا عقوبة بغير نص، وذلك لزوال ما لقانون التظاهر من أثر قانونى، وبأثر رجعي من تاريخ إصداره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top