طارق العوضي يكتب: عن سيد فتحى.. طبعا (1)

يااااااااه يا صاحبي.. فاكر؟ يناير 1988 أول مرة ادخل فيها سجون مبارك.. كنت أنا في سجن استقبال طرة، وأنت في أبو زعبل، خرجت أنت قبلي وبعدها أنا خرجت.. كان أول لقاء بينا تاني يوم خروجي من السجن، ولما شفتني وأنا داخل عليكم في ممر حقوق، ولقيت رجلي متجبسة من أثر حادث أتوبيس يوم خروجي – ما إحنا كنا بنركب الأتوبيس أنا وأنت كتير – ولقيتك فجأة داخل عليا بجسمك النحيل أوي، وعنيك الزرقاء ونضارتك، وأنت بتصرخ: هما عذبوك ولاد الكلب.. إيه ده؟ مين اللي عمل فيك كده؟

ساعتها قلتلك: اهدأ دي حادثة والله ومحدش عذبني.. بس تعرف يا سيد ساعتها انت كنت بتتكلم وكأننا كنا أصحاب من زمان، وأنا كمان رديت عليك وكأننا أصحاب أوي، وأخدتني ورحنا قعدنا على سور الكلية خلف مبنى كلية الآداب.. إلا صحيح يا سيد.. أنا عمري ما سألتك اشمعنى المكان ده اللي أنت بتحب تقعد فيه؟

ويومها قلت لي: أنت شكلك ينفع تبقى شيوعي، وسألتك: اشمعنى؟ فقلت شكلك واد جدع وابن بلد، وبعدين فقير وكحيان زي حالاتنا.. أي نعم فيك حتة تناكة كده، بس حلوة برضه ومطلوبه.. قلت لك يومها: لا يا عم، بيقولوا الشيوعية دي استغفر الله العظيم.

وساعتها أنت قعدت تضحك أوي وتقولي: آه ومش بيستحموا وبيطلع لهم ديل.. قلت لك: آه والله بيقولوا كده.

رديت عليا وقلت لي: طب أنت لسه مش عارف أنت عاوز تبقى إيه، فياريت تقرأ الأول، وأنا هاجيبلك رواية جميلة تقراها، وبعدين نتناقش فيها، وجبت لي رواية \”الأم\” لمكسيم جوركي.. اخدت أنا الرواية وقعدت اقرا فيها.. في الجامعة.. في البيت.. في الأتوبيس.. على القهوة، لغاية ما خلصتها.

ويوم ما خلصت الرواية وجبتهالك، لقيتك مجهزلي رواية \”الحب في زمن الكوليرا\”.. بس يومها أنا قلت لك: تعرف يا سيد؟ الواد بافل اللي في الرواية ده.. أنا كنت حاسس إنه أنت بالظبط وأنا باقراها.

خلصت الرواية وقلت لي: تعالى نروح البيت عندي في بهتيم، وفي الطريق وإحنا ماشيين، عدينا على مصنع إسكو، وقلت لي: أبويا عامل في المصنع ده، وأنا كنت بانط من على السور ادخل لهم الأكل والبطاطين في اعتصامات العمال، عشان الأمن كان بيمنع دخولهم عشان يجبرهم على فض الاعتصام.

ورحنا البيت وقابلنا عم فتحي الله يرحمه وخالتي أم سيد الست الطيبي أوي، اللي كان أي حد تحس إنه بيحب سيد، تحبه هي على طول.

يومها أنا قلت لك: بس بقى إحنا أصحاب آه.. بس حكاية الشيوعية دي يا عم حرام، وأنا بصراحه قربت من مجموعة حزب العمل الاشتراكي، وحاسس إنهم عيال جدعان ومش بيقولوا كلام كبير من اللي اصحابك بيقولوه يا عم، وأنا مش بافهم منه حاجة.

قلت لي: براحتك.. بس لازم يبقى ليك أيدلوجية، قلت لك: طبعا هيبقى ليا، وأنت بصيت لي بخبث كعادتك، ومرضتش تقولي إنك فاهم إني مش عارف أصلا يعني إيه أيديولوجية.

وقعدنا نروح عند بعض البيت، وتيجي لي، وأنا واقف بابيع العرقسوس على ناصية شارعنا في الزاوية الحمراء في شهر رمضان عشان اقدر اجيب تمن هدوم العيد.

لغاية ما اتحبسنا سوا لأول مرة في نوفمبر 1989 بعد إضراب الحديد والصلب.. 68 يوم وإحنا قاعدين تحت البطانية، نقوم ناكل ونرجع تاني نتناقش.

هههههههه فاكر لما جات لنا زيارة أهالي ومحامين في يوم واحد، ورحت أنت وقفت مع نبيل الهلالي وأنت لابس البيجامه الكستور في أوضة الزيارة، وأنا وقفت مع أبويا وأمي، وساعتها أمي قالت لي: طب مش حرام عليك العيل الصغير ده تحبسه معاك؟! وندهت عليك قلت لك وأنا وأنت وقعنا على الأرض من الضحك.

ورجعنا الزنزانة تانى كملنا مناقشات لغاية ما جم قالوا: طارق العوضي إفراج.. ساعتها أنا قعدت اعيط واقول: لا مش هاخرج إلا مع سيد، وأنت قعدت تقنعني إني امشي معاهم وافرح بالإفراج، وقعدتم تهتفوا جوه السجن: عمر السجن ما غير فكرة.

ساعتها قلت لك هاخرج بس بشرط: أنا هاهتف، وهتفت لأول مرة داخل عنبر ب بالسجن الصناعي بابي زعبل:

عاش كفاح الطبقة العاملة – عاش كفاح الشيوعيين.

فقد اصبحت قبل ذلك اليوم بأيام قليلة، عضوا بحزب الشعب الاشتراكي المصري.

يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top