\”حليب أسود\”، إحدى الروايات المترجمة للكاتبة التركية \”إليف شفاق\” تتحدث فيها عن تجربتها مع الأمومة والمراحل المتخبطة التي مرت بها لاتخاذ قرار الزواج والإنجاب، لكن لن أتطرق لموضوع الرواية. فقط استوقفني عنوان أحد فصولها (حريم بداخلى)، فقد جسدت مشاعرها في شخصيات بداخلها تتحدث معها، بل إنها في شجار طوال الوقت مع هؤلاء الحريم.
تذكرت أنا ايضًا مشاعري التي لا تستقر على حال، وهل بداخل كل امرأة بالفعل حريم أخرى؟ وإذا كان الأمر كذلك، من تغلب الأخرى، أم أنها جولة لا تنتهي بفوز أو خسارة طرف بعينه؟
هل المرأة القوية بداخلك تتغلب على الفتاة الضعيفة أم ضعف الأخيرة يهزمك؟ هل الطموح والأحلام واكتشاف الذات يجتمعون لينظروا نظرة استعلاء على كونك امرأة عادية تتزوج وتنجب أطفالا وتكرس الكثير من الطاقة لكونها زوجة وأم. أم مشاعر الأمومة والدفء والأمان لرجل أقوى بكثير من تلك النظرة المغرورة؟
وهل المرأة الناضجة التي تقرر وتعبر عن رأيها بوضوح وشجاعة وتخوض تجارب الحياة بجرأة تسكت تلك الطفلة الشقية البريئة بداخلك أم عفوية الأخيرة تأخذك بعيدًا عن تلك الحسابات المعقدة؟
مَن في كل هؤلاء ينتصر بداخلك في النهاية؟ أعتقد أن الحل لهؤلاء الحريم المتصارعة بداخلك هو أن تطمعي فيهن جميعًا! نعم تمسكى بهن جميعًا لأنهن أنتِ.
كونى رحيمة مع تلك الفتاة الضعيفة بداخلك؛ تعاملي معها برفق حتى تهدأ، وقتها ستظهر تلك الفتاة المتألقة القوية وستبهرك بمزيد من القوة التي لا تتوقعيها.
اجعلي خيالك يتغذى على أحلامك واسعي وراء طموحاتك واكتشفي ذاتك، لأنها الطريق الصحيح للحب الحقيقي والوقود حتى تكونين أمًا تجيد التعامل مع المتطلبات الحقيقية للأمومة كي تستمتعي بهذه المشاعر الدافئة.
لا تكبتي تلك الطفلة الشقية بداخلك؛ فهي سرك للوصول للثقة بالنفس والنضوج معًا طالما عرفتي متى تظهر، تسمحي لكل منهما أن تظهر في الوقت المناسب لها.
اجمعي شمل هؤلاء الحريم المتصارعات بداخلك دائمًا، وقتها ستكونين امرأة بحق.