شيماء عبد العظيم تكتب: حبوا.. تصحوا

 

وأنا في طريقي للشغل النهاردة مرورا بالكورنيش، شفت منظر متعارف عليه جدا في إسكندرية.. ولد وبنت، غالبا مزوغين وقاعدين وشهم للبحر و\”بيعطفوا ويلطفوا\”، هم كانوا كذا  couple  الحقيقة بامتداد الكورنيش.. لو حد أخد رأيي في المشهد ده من 7 سنين مثلا أو أقل حاجة بسيطة، كنت قلبت الدنيا وقلت إيه قلة الأدب دي، وعيال سافلة ماتربتش وفين أهاليهم، وعملت فيها ضمير أبلة حكمت.. لكن النهاردة بصراحة المنظر ماضايقنيش خالص، بالعكس ابتسمت في سلام نفسي غريب، وأنا ببص لهم وبمضي في طريقي محملة بطاقة إيجابية ع الصبح، والشعور الوحيد اللي في دماغي تجاههم هو، إنتي خلبوصة حبي؟ إنتي كلبة زوغي وروحي إتمشي ع الكورنيش؟

لا حقيقي فكرة إنهم قاعدين مش بيضايقوا حد، ولا مداريين في حتة ضلمة، ولا ولد بيلقح كلام على واحدة ماشية، أو بيسب الدين علنا ويسمعنا مختارات فريدة من قاموس الأباحة، بالعكس ده عندهم مشاعر لطيفة كمان، شيء إيجابي جدا.. اللي بيعملوه ده – وإن كان في نظر البعض ذوي تاريخ الإنتاج الأقدم وبالتالي الخبرة الأكبر، أو في نظر رابطة المحاربين القدامى متمثلة في جيل الآباء والأمهات المحافظين- شعور وهمي طايش عبيط وطفولي، وكلنا عارفين إن مستقبله مبتور، لكنه يبقى شعورا سلميا غير مدمر لأي حاجة، غير مؤذي ولا هدام إلا لشوية موروثات بالية.. يعني عمر الحب ما خطف طيارة ولا فجر خط غاز ولا ولع \”غير في الدرة\”، هتقولي ما هو ممكن يؤدي لـ… ونبتدي نرسم سيناريوهات فيلم الخطيئة.. هقولك وأنت معتبر نفسك كومبارس صامت ليه؟ فين دورك كأب أو أم، التوجيه، الصراحة، الإحتواء! ولا هو أنت عشان تريح دماغك قررت إن البتر أسلم علاج دائما، فأنتجت كدابا صغيرا، وبعدين تقعد تلوم المجتمع وأي حد غير نفسك! بلاش نلوم الأولاد على اللي بنزرعه فيهم، لأننا فعلا نأكل مما صنعته أيدينا.

ياريت كان آخر بلاوينا هي ولد وبنت متسربين من يوم دراسي -غالبا مالوش أي لازمة- وقاعدين ع البحر.. الحب عموما شعور إيجابي، وبيدفع الشخص للأحسن، كبت أي شعور طبيعي وتجريمه هو اللي عمل إرهابي ضد الفطرة، ومش هينتج عنه غير حاجة غلط، وأشخاص مرضى.. اللي بيقترف فعلا إرهابيا ما -على سلم يتدرج من معاكسة بذيئة صعودا لقتل أو خطف- أكيد مايقدرش في نفس الوقت يمتلك معاه شعورا إيجابيا زي الحب بصفة عامة، أو العطاء أو التخطيط لمستقبل.. إحنا مجتمعنا فاقد للشعور ده بشدة، الناس محتاجة تحب بعض وتحب الخير لبعض، ويشوفوا نتايج الشعور السلمي بشكل ملموس، لأننا أصبحنا شبه كرات غضب كبيرة ماشية تخبط في بعض وبنولد شرر طول اليوم، وعمالين نشحن زيادة ونفرغ في أي حد قدامنا.. وده خير مثال له، كان إعلان التليفزيون اللي بيتحول فيه المواطن لـ Hulk  على أتفه الأسباب، هو ده إحنا فعلا ومش هنتغير غير بتسلل بعض الحب والسلام النفسي لحياتنا.

عارفة طبعا إن في مصر فرص تحقق الغول والعنقاء والخل الوفي مع بعض، أكبر من فرصة حدوث السلام النفسي، لكن المحاولة لو أنتجت تغيرا طفيفا جدا، تأثيره هيكون كبيرا في المجتمع.

الحكاية مش سهلة، بس أكيد مستاهلة.

أسيبكوا بقى مع صوت الفنانة يسرا في رائعتها \”حب خلي الناس تحب روح للناس يا حب\”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top