شريف عازر يكتب: وطن بلا مواطنين أفضل من مواطنين بلا وطن!

يبدو أن الكنيسة قررت أن تطبق مقولة البابا تواضروس \”وطن بلا كنائس.. أفضل من كنائس بلا وطن\” بحذافيرها!

فوجئت ببيان الكنيسة اللي بتتنصل فيه من أي علاقة مع دير وادي الريان وإنكار أي علاقة للكنيسة بالدير، وكمان قرار بشلح الرهبان وطردهم!

جاء بيان الكنيسة عندما حاولت الدولة إنشاء طريق، وكانت الخطة أن الطريق يمر بمنطقة الدير.

طبعا الأغلبية الساحقة من الاقباط اللي هم بطبيعة الحال مؤيدين لأي قرار يصدر عن أي سلطة، بما فيها الحكومة أو الكنيسة, أيدوا قرار الكنيسة بالرغم من صورة جواب معتمد من الكنيسة موجودة ومنتشرة، بتقر باعتراف الكنيسة بدير القدير مكاريوس السكندري من سنة 2012 وعليه ختم الكنيسة.

جاء تأييد الأغلبية القبطية متوقع ومفاجيء في نفس الوقت.. متوقع لأنهم طبيعي حيأيدوا أي قرار من الكنيسة.. المفاجأة هو إن القرار بالتنازل عن دير كاملا والتخلي عن رهبانه وتعريضهم لخطر الاعتقال وتعريض الدير للهدم يحظى بالتأييد الشعبي ده!

 

طبعا حدثت الخناقات المعهودة على حسابي على الفيسبوك مع أصدقائي الأقباط اللدودين, وحاولوا بمجهود خرافي – يشكروا عليه – إنهم يبرروا موقف الكنيسة.. كان من ضمن ردودهم، حوار صحفي مع الأنبا أبرام أسقف الفيوم، اللي قال إن الكنيسة ما تخلتش عن الدير، بل إن الكنيسة تقوم بإعداد الدير للاعتراف به رهبانيا!

طبعا أنا مش عارف الكلام ده ليه ما اتقالش في بيان الكنيسة الرسمي، وليه ما طلعش بيه بيان مكمل؟!

وطبعا مش عارف إيه اللي منع الكنيسة تقول كده مباشرة، بدل ما نقعد نعمل تفسيرات وحوارات. وطبعا مش عارف إيه في نص البيان اللي ممكن يؤكد حاجة زي دي، بعد ما قالوا إن الدير غير قانوني، وإن الرهبان مشلوحين.

بكل وضوح وموضوعية.. ماينفعش الكلام ده يبقى حقيقي وبيان الكنيسة ما يجيبش سيرته.. دي مش حاجة تتفهم غلط يعني.

لو الكنيسة عندها النية إنها تعترف بالدير بعد الإجراءات، تقول كده على طول في البيان، مش تستنى اللي يفهم يفهم.. الكلام ده لازم يطلع في بيان رسمي من الكنيسة, غير كده يبقى أي كلام.

 

وأيضا جاءتني ردود من أصدقاء أقباط ومسلمين حول فكرة إن الدير فعلا عامل تعديات على أملاك الدولة، وإنه بيقوم بتوسعات قد تضر بالبيئة.. طيب حلو.. إيه علاقة إن الدير عامل تعديات، بإن الكنيسة تتبرأ منه تماما؟!

يعني مثلا بيان الكنيسة كان ممكن يقول إن الكنيسة حتدرس تعديات الدير وكده، لكن مش لدرجة إنهم يتبروا من الدير يعني!

ماحدش أنكر إن الدير ممكن يكون عامل مخالفات, بس إن الكنيسة تتبرأ من الدير تماما، ده اللي غير مقبول وخصوصا إن فيه وثائق بتثبت تبعية الدير للكنيسة وبالتحديد أبرشية الفيوم.

 

موضوع دير وادي الريان ده يعتبر الواقعة الأولى من نوعها في تاريخ الكنيسة القبطية، اللي الكنيسة تتبرأ فيها من كنيسة أو دير في بيان رسمي. لهجة ولغة البيان كان واضح جدا فيهم لغة إعلاء مصلحة الوطن وجو خطط التنمية والكلام ده.

كون إن الكنيسة قررت إنها تتمحلس للنظام، فده يعني ممكن آخرك تروح تحضر مؤتمر في الأزهر وتشكر رئيس الجمهورية أو تحضر احتفال عامله الرئيس وتقول كلمة والحركات دي.. يا أخي مش مطلوب منكم حتى تتكلموا عن حقوق الأقباط، لأننا فقدنا الأمل في الموضوع ده من بعد تصريحات البابا الأخيرة عن حادثة ماسبيرو، وتأكدنا إن حوار حقوق الأقباط ده انتهى خلاص ومفيش فايدة من مطالبة الكنيسة بإنها تقول حاجة.

لكن إنهم يوصلوا لمرحلة التنازل عن دير بحاله؟! ده اللي مش ممكن يعني. طيب يعني واضح إن الكنيسة قررت إنها توائم مع النظام لأبعد مرحلة.. هما حرين, لكن اللي مزعلني، هو الناس وتأيدها للكلام ده.

باحاول احلل عقلية المواطن القبطي واعرف إزاي وصلنا للمرحلة دي، بس مش لاقي تفسير.. يمكن يعود الموضوع ده للتسعينيات، لما تجلت سياسة مبارك في إقناع الشعب – بما فيهم الأقباط – إنه هو الحامي الأعظم من هجمات الإرهابيين الإسلاميين الوحشين، في نفس الوقت كان الضرر اللي بييجي من نظام مبارك أو تحت حمايته أكبر بكتير من هجمات الإرهاب.

طبعا المقال مش حيكفي لسرد كل الحوادث الطائفية اللي حصلت في عهد مبارك، واللي كان دور جهاز الأمن فيها واضح جدا، بما فيه من حماية للجناة أو تكاسل عن الحماية.

تربى الجيل ده على نوع غريب من الخنوع للنظام الحاكم اللي هو بيوعد بالحماية من خطر، بينما هو بيرتكب الجريمة بنفسه.

 

أنا خايف إن سياسة الكنيسة في المحلسة للنظام والتأييد الشعبي لده، يوصلونا لمرحلة إن البابا يتخلى عن الكنايس والأديرة والحقوق والناس نفسها، ويضحّي بيهم على مذبح النظام، ونصبح في \”وطن بلا مواطنين، أفضل من مواطنين بلا وطن\”.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top