طالعتنا الصحف مؤخرا بخبر إلغاء المتحدث باسم البرلمان الألماني مقابلته مع الرئيس السيسي اعتراضا منه على وضعية حقوق الإنسان في مصر.. قابل الشعب المصري هذا الخبر بعاصفة من الاستنكار والاتهامات على رأسها طبعا تواطؤ الحكومة الألمانية مع الإخوان، فنجد تصريحا في جريدة الأهرام لسكرتير عام حزب عريق يدعي أن هذا القرار صادر بسبب تأثير \”اللوبي الإخواني\” على صناع القرار في ألمانيا!
وعلى صفحات السوشيال ميديا رأينا حملة كبيرة ضد ألمانيا المتعاطفة مع الإخوان والتي لا تفهم الوضع الحقيقي في مصر.
المقتنع بوجود لوبي إخواني له تأثير فعال على سياسات الدول العظمى، هو شخص يحتاج بشدة للتحليل النفسي لأنه يفتقر لأبسط قواعد التفكير المنطقي, وفي الأغلب هو نفس الشخص المقتنع أن أخو أوباما إخوان أيضا!
أولا.. لأنه وببساطة لو الإخوان لهم مثل هذا التأثير على الدول العظمى مكانش حصل فيهم اللي حصل أصلا.
ثانيا.. لما أنت مقتنع إن الإخوان إرهابيين مؤمنين بالعنف, يبقى إزاي عندهم لوبي وحوارات دبلوماسية والحركات دي؟! ما هو يا لوبي يا إرهاب!
ثم ما هي دواعي الاستنكار والاشمئزاز من الدول الغربية التي تعترض على وضعية حقوق الإنسان في مصر؟! ما إنتو أصلا منتخبين السيسي وعاملين ثورة كاملة عشان مش عايزين ديمقراطية وحقوق إنسان، وعايزين اللي يمسك البلد بيد من حديد عشان كفاية بقى فوضى وعدم استقرار! طب إيه لازمة إنكم تعيشوا في الدور لما حد يقول لكم أنتو ما عندكمش حقوق إنسان وديمقراطية, ليه بقى؟ هاه ليه؟!
طب لو حابب تفهم موقف المتحدث باسم البرلمان الألماني، حاول تحط نفسك مكانه.. هو شخص يقدس حاجة اسمها انتخابات ويحترم نتيجة الانتخابات مهما كانت.. من موقعه في ألمانيا وهو يشاهد الوضع في مصر كان الترتيب الأحداث كالآتي:
1- سقوط نظام ديكتاتوري قائم على حكم فرد واحد لمدة 30 بثورة شعبية.
2- ظهور جماعة الإخوان المسلمين كالبديل الأول وذلك لشعبيتهم الكبيرة واستعدادهم السياسي للانتخابات (بغض النظر عن هل أنت مقتنع بأفكارهم أم لا, طالما يمارسون السياسة عن طريق الانتخابات)
3- انتخابات تعددية لأول مرة في تاريخ مصر ومنافسة قوية بين الإخوان والنظام القديم ومرشح يساري (يعني ديمقراطية زي ما الكتاب بيقول).
4- فوز المرشح الإخواني وذلك هو المتوقع للأسباب السابق ذكرها.
5- بعد عام من التخبط في الحكم يتم تنظيم مظاهرة ضد الإخوان فيقوم وزير الدفاع (والذي قام الإخوان بتييعيه بأنفسهم دونا عن باقي أعضاء المجلس العسكري, وقام بحلف اليمين أمام الرئيس وقتها محمد مرسي)
6- يقوم وزير الدفاع باعتقال جميع قيادات الإخوان بما فيهم رئيس الجمهورية ويتم محاكمتهم بتهم على رأسها التخابر مع جهات أجنبية (جواسيس يعني).
7- يتم صدور حكم بالإعدام على قيادات الإخوان في تهمة التخابر وبراءة من تهمة قتل المتظاهرين.
يعني بالبلدي كده، لو أنت راجل برلماني ألماني قدامك اختيارين.. يا إما ترفض مقابلة السيسي لأنه رئيس يمثل نظاما قمعيا يطيح بالمعارضة ويعدمهم, يا إما تعتبر إن الشعب المصري دول مجانين رسمي لأنهم انتخبوا شخص في انتخابات حرة وبعد سنة اكتشفوا أنه جاسوس وعايزين يعدموه.. هو الراجل افترض إننا مش مجانين ووصل لاستنتاج إنه مش عايز يقابل السيسي لأنه على حد قوله: \”مفيش حاجة أتكلم معاه فيها\”، خصوصا أنه كمان مش مبسوط بتأجيل الانتخابات البرلمانية.
ما ينفعش كل ما حد يعارض نظام السيسي, سواء جوة مصر أو خارجها، يتم اعتباره إخوان أو متعاطف مع الإخوان أو متأثر بـ \”اللوبي الإخواني\”.. النظام الحالي بيرتكب الكثير من الأخطاء والانتهاكات ومش محتاج تكون إخوان عشان تكون معارض له.
وصعب جدا إننا ندعي إننا دولة ديمقراطية ونحن نعلم تمام العلم أن معظم من انتخبوا الرئيس الحالي انتخبوه عندا في الديمقراطية الوحشة اللي جابت الإخوان.. فـ ليه بنزعل من اللي بيقولنا كده؟ ها ليه؟!