شريف عازر يكتب: التنين وأنا

في إطار حالة النوستالجيا لأيام ثورة يناير التي تنتابني هذه الأيام، قررت أعترف بسر لأول مرة, أنا كنت مساعد لفنان الجرافيتي \”التنين\” من أول عمل جرافيتي عمله يوم 26 يناير 2011.. قام العديد من الصحفيين بالكتابة عن التنين وهناك العديد من المقالات عنه وحوارات معه, خصوصا في الصحافة الأجنبية أو المصرية الصادرة باللغة الإنجليزية. لذلك سأركز هنا على تجربتي الشخصية معه ومع أيام الثورة.

كانت الفكرة موجودة عنده من قبل الثورة، وكنت أخبره دائما أن الجرافيتي جديد على الثقافة المصرية، بالرغم أن المصري معروف بالشخبطة على الحوائط من أيام الفراعنة. لكنه كان مصمما أنه في يوم ما سوف يبدأ في رسم الجرافيتي على حوائط القاهرة. وجاء هذا اليوم وكان يوم 26 يناير 2011 في وسط البلد في القاهرة.. شهد هذا اليوم حشدا رهيبا من الشرطة، حيث إنهم كانوا متوعدين من اليوم السابق ومتحفزين لأي تحرك مشاغب في وسط البلد، وكانت أول رسمة للتنين عبارة عن صورة مبارك وتحتها عبارة \”ارحل\”, وتم تنفيذها في شارع شامبليون في وسط البلد بالقرب من قهوة التكعيبة، حيث كنا نتجمع.

عمر هذا الجرافيتي لم يكن طويلا، لأن صاحب المحل المجاور للحائط، قام بدهانها بعدها بحوالي ساعة. في هذا اليوم قامت الشرطة مع بعض بلطجيتهم في ملابس مدنية بمطاردتنا عبر شوارع وسط البلد, قام بعض السكان بتخبئتنا في بيوتهم حتى يمر العساكر.

هذه كانت بداية التنين, وبدأنا في هذا اليوم للإعداد للجرافيتي ليوم 28 يناير يوم الغضب.. نزلنا يوم 28 ومعنا العديد من الرسومات منها صورة مبارك و\”ارحل\” و\”الشعب يريد إسقاط النظام\” وغيرها. ومن بعد يوم 28 يناير استمر التنين في تصميم وتنفيذ أعمال كثيرة وكان كل يوم يكتسب خبرة تظهر في أعماله التي بدأت تأخذ شكلا احترافيا أكثر.

يستخدم التنين طريقة الاستنسل في تنفيذ أعمال الجرافيتي، وهي أن تقوم برسم الرسمة على ورق مقوى ثم تقوم بتفريغ الرسمة ثم تقوم برشها بسبراي ألوان على الحائط.. تتميز هذه الطريقة بالسرعة في التنفيذ، خصوصا إذا كان هناك من يطاردك ويريد القبض عليك.. أيضا تتيح هذه الطريقة إعادة تنفيذ العمل الفني أكثر من مرة مما يساعد على انتشاره في أكثر من مكان.

بعضنا تعلم هذه الطريقة للرسم في المدرسة.. أنا شخصيا أتعلمتها في مدرستي في أسيوط, ويا لسخرية القدر, فأول عمل قمت به وأنا في سن 12 سنة كان رسمة لتنين, قبل أن اعرف التنين الحقيقي بعشرين سنة.

قام التنين بتنفيذ أعمال اكتسبت شهرة كبيرة, مثلا رقعة الشطرنج على حائط الجامعة الأمريكية بالقاهرة المبنى اليوناني.. السوبرهيرو ثورة وتحتها مكتوب \”مستمرة\”, واحتلوا ماسبيرو، والعديد من الأعمال والتي للأسف تم طمس معظمها الآن لأسباب سياسية وغيرها.

تم توثيق هذه الأعمال في العديد من المصادر والكتب وأحدثها كتاب \”جدران الحرية\”. كما أيضا شارك التنين في معارض كثيرة في مصر وخارجها.

في بعض المعارض تم عرض أعمال أصلية تم تنفيذها مخصوص للمعرض مثل معرض تاون هاوس في القاهرة, والذي قام التنين بتنفيذ عمل فيه عن القذافي.. أخذ منا هذه العمل جهدا شاقا لتنفيذه واستخدم التنين فيه تقنيات جديدة لتنفيذه.

أيضا قام التنين بمساعدتي في تنفيذ أعمال من فكرتي وتصميمي، فقمنا بعمل جرافيتي جريندايزر \”الويل للمفسدين\” وجرافيتي بقلظ طنطاوي \”مش قادر أواجه الموقف\”.. على مدار السنين تعلمت من التنين الكثير عن الفن والرسم وتناقشنا لساعات لا نهائية حول الفلسفة والدين والسياسة.

يود التنين أن يظل غير معروف Anonymous مثل عظماء فن الجرافيتي في العالم مثل بانكسي وغيره، وبالرغم من أن شخصيته الحقيقية لا تقل عن شخصيته التنينية، والتي أصبح لها صفحة ويكيبيديا. ومن فريق التنين خرج العديد من فناني الجرافيتي المستقلين مثل شيكو والجوكر ممن تعلموا في مدرسة التنين.

حاليا, ومثل أي شيء متعلق بالثورة, فقد قل إنتاج التنين جدا وأصبح شبه منعدم, وذلك طبعا يرجع للحالة السياسية العامة الآن وما بها من يأس وإحباط لدى معظم من شارك في ثورة يناير. لكن أنا لازلت أنتظر الكثير من التنين في المستقبل لأنها \”مستمرة\”.

والآن اعرض لكم مجموعة من أعمال التنين منها أعمال لم تعرض من قبل. جميع الصور من تصويري ماعدا \”مستمرة\” (تصوير خالد أبو النجا).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top