سهام عيد تكتب: إسرائيل وخطة "إذلال" مصر بالمياه

بعد أن كشفت الأقمار الصناعية عن بدء تخزين إثيوبيا 14 مليار متر مكعب من المياه كخطوة أولى لافتتاح \”سد النهضة\” المقرر الإعلان عنها نهاية يوليو الجاري، وفي ظل تصريحات الكثير من المسؤولين الإثيوبين بشأن السد التي كانت بمثابة ضربة قوية للقاهرة، وهي لا زالت تصارع من أجل حقوقها في المياه.
استغلت إسرائيل إخفاق المفاوضات المصرية الإثيوبية لصالحها وكشفت عن أنيابها من قلب القارة السمراء.
بالرغم من الصمت المصري المريب بشأن الأزمة وعدم اعتراف المسؤولين بالتقصير، إلا أن دخول إسرائيل المشهد، زاد الأمر سوءًا وأحرج الجانب المصري على جميع المستويات.
من جانب آخر، سعى الكيان الصهيوني للحصول على صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي الذي يضم ٥٤ دولة، بل وحظى بدعم إثيوبيا خلال جولة أفريقية قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي شملت 4 دول هم أوغندا وإثيوبيا وكينيا ورواندا.
على مدار أعوام مضت تبذل إسرائيل جهدا كبيرا لمثل هذه الخطوة التي خرجت من السرية إلى العلن، فبعد أن كانت عضوًا مراقبًا في منظمة الوحدة الأفريقية حتى عام 2002 عندما حلت واستبدلت بالاتحاد الأفريقي، وهي تحاول أن تستعيد مكانتها من جديد في القارة السمراء، ولكن كانت خطواتها تبوء بالفشل.
يؤكد نتنياهو أن تلك الخطوة لها أهمية كبيرة بالنسبة لهم، مشيرًا إلى أن تغيير استراتيجية دول \”أفريقيا\” حيال إسرائيل يشكل تغييرًا دوليًا حيال مكانة إسرائيل.
لماذا أفريقيا؟
ظهور نتنياهو وسط 7 زعماء أفارقة وكأنه يخرج \”لسانه\” إلى كل الدول العربية التي لا زالت \”عاجزة\” حتى يومنا هذا عن فهم العقول الصهيونية وما تخطط له، نظرًا لغياب أي استراتيجية لمنع مثل هذه الخطوة التي تعد بمثابة \”احتلال\” للاتحاد الأفريقي.
الأمر أثار ضجة سياسية وطرح العديد من التساؤلات: \”لماذا أفريقيا، وبالأخص دول حوض النيل في ذلك التوقيت؟
هناك عدة أسباب وراء زيارة نتنياهو \”التاريخية\” كما وصفتها وسائل الإعلام العبرية، يمكن بلورتها في الآتي:
– تكوين تحالف إسرائيلي جديد
تسعى إسرائيل من خلاله لكسب ود دول جديدة للوقوف بجانبها ودعمها في المحافل الدولية ووقف الإدانات التي تلاحقها بشأن ممارستها تجاه القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى أن الدول العربية لا زالت لا تعترف بها سوى أنها دولة \”احتلال\”.
– عودة إسرائيل إلى أفريقيا
منذ حل الوحدة الأفريقية التي كانت إسرائيل عضوًا مراقبًا بها حتى عام 2002 وتسعى إسرائيل للعودة إلى المنظمة الأفريقية وعدم ترك الساحة للفلسطينيين، كما أنها تروج لنفسها منذ أعوام حتى تكسر العزلة العربية وتثبت للعالم أنها دولة ذات سيادة مثل باقي الدول، بل وتستطيع حماية الشعوب.
– زيادة الاستثمارات الإسرائيلية في أفريقيا، فقد اصطحب نتنياهو معه خلال زيارته إلى القارة السمراء أكثر من 70 رجل أعمال، وهو ما يدل على أن الزيارة كان لها أبعاد اقتصادية لفتح مزيد من الأسواق في القارة \”الصاعدة\” كما وصفها نتنياهو، بل وخلق أسواق تجارية جديدة.
– تعزيز التعاون الأمني في مكافحة الإرهاب، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الكيني اوهورو كينياتا: \”بعملنا معا سيكون بإمكاننا التحرك بشكل أسرع للقضاء على هذه الآفة التى اسمها الإرهاب\”، مضيفًا: \”ليس لدى أفريقيا أي صديق أفضل من دولة إسرائيل خارج أفريقيا، عندما تكون هناك حاجة لأمور عملية متعلقة بالأمن والتنمية\”.
استخدم نتنياهو مصطلح \”الإرهاب\” لكسب ود الدول الأفريقية التي تتعرض لهجمات إرهابية لا سيما كينيا التي تعاني من هجمات حركة \”الشباب الصومالية\”.
– السيطرة على دول حوض النيل، حيث استغلت إسرائيل أزمة \”سد النهضة\”، وإخفاق المفاوضات المصرية الإثيوبية، فضلا عن أن شركة كهرباء إسرائيل هي من تدير السد، وبالتالي فقد تقترح على إثيوبيا بيع حصص المياه لدول المصب، أو تسعيرها مقابل النفط وفق صفقات متبادلة بين الطرفيين.
رفض الطلب
أكد مصدر دبلوماسي أن الاتحاد الأفريقي يرفض طلب إسرائيل، حيث يعتبرها دولة احتلال وعنصرية، مشيرًا إلى أن أيّة محاولة لاستقبال المسؤولين الإسرائيليين، هو خرق لميثاق ومبادئ الاتحاد.
وبالرغم من إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلي ماريام ديسالين، أن بلاده ستدعم موقف إسرائيل الساعي لاستعادة مكانتها في المنظمة الأفريقية، استبعد مندوب السودان في الاتحاد الأفريقي السفير عثمان نافع حصول إسرائيل على هذا الأمر، لأن الاتحاد يرفض استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وممارستها القمع والاعتقالات وإقامتها جدار الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
غياب مصر والدور العربي الأفريقي
انشغال مصر بالقضايا الداخلية ومزاعم حربها على الإرهاب، أفسح الطريق أمام العدو الصهيوني لاستغلال أزمة سد النهضة لإذلال مصر وتعطيشها، فضلا عن الأضرار التي ستلحق بمصر جراء بناء السد، كما أن غياب الدور العربي في أفريقيا أيضا كان وراء توسعات نفوذ إسرائيل في قلب القارة السمراء، فهي تدرك كيفية استغلال الفرص ومتى وأين تتحرك، فهل نحن كعرب نستطيع تحجيم إسرائيل ونحن مشغولون بقضايانا الداخلية، أم الوقت قد نفذ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top