سمر مجدي تكتب: ونــس

العزيزة ونس، عليك السلام من قلب أمك المحب.
تكونتِ بالكامل في قلبي وأنتِ لم تنبتي من الأساس بأحشائي.
اسميتك ونس فنبتَي كفكرة وعلى عاتقك حمل لم تختاريه أبدا.
اقف كثيرا عند تضحيات الأمهات في آلام الحمل والولادة. أرى اختلاطا في الأمر بتسميتها \”تضحية\” أو بالأحرى تضحية من أجل الطفل. لم تطلبي وكذلك أنا قبلك إطلاقا. لم تطلب نطفة لا تملك من أمرها شيئا أن يُخلق لها طريق لتظهر على سطح الأرض.
نتحمل أنا وكامل نساء الأرض آلام الولادة والحمل إرضاء لغريزتنا. وبحثًا عن سعادتنا. وكإجابة على سؤال: \”مفيش حاجه في السكة؟\” تكوني أنتِ وغيرك أحيانًا الإجابة، أو لنربط رجالا لم نجيد اختيارهم بـ\”العيال\” لأن رابطة الحب إنحلت أو لم تكن معقودة من الأساس.
بأنانية مفرطة مني كونتك برأسي وعقلي لتكوني لي \”ونسًا\”، سأعتذر لك عن ذلك في حال تكونك في أحشائي، ولكنه سبب كافٍ لأتحمل الألم حتى في حال لجوئهم للعبث فى أحشائى لإخراجك.
تنتظرك الكثير من الحيل لأرد لكِ جَميل أُنسك لي في حال لم أتخل عن أنانيتي وأخرجتك للعالم.
عدد لا بأس به من الكتب والروايات أحيطها برعايتي وأطمح يوميا في زيادتها.. أنتظر أن نناقشهم سويا.
شوارع الزمالك التي لم أستطع أن أربت على كتف تائه فيها ولكني أحفظها عن ظهر قلب.
المطاعم الصغيرة ذات الرائحة التي تشبه كثيرا مطبخ جدتي. أدعو الله ألا تطولها الأزمة الاقتصادية لتنتظرك وأبوابها مفتوحة.
أتمنى لو يسبح حبي للمشي وينتقل لجيناتك. فلن يقدّر متعة المشي أصحاب ساعات اليد. تنقَلي بين طرقات المدينة مشيًا. سأنتظرك في كل مرة بالتأكيد. أضمن لك أن في آخر كل طريق ستجدين بيتا ينتظرك.
سأقودك لكل الطرق التي تؤدي للسينما، جالسين في صمت نشاهد حيوات أخرى، فحياة واحدة لا تكفي.
في كل مرة يزداد ثقب في نافذة روحك لا أملك إلا أن أضمك لصدري، ربما لأيام كاملة. سأضع مكان كل ثقب وردة. هذه هي الطريقة المثلى للتعلم.

ابنتي، لا أملك أن أمنع عنك شرور العالم، ولو أملك ما فعلت. أريد أن يصلب طولك ويشتد، بعدها سنرقص كثيرًا إحتفالا بتخطيكي مرحلة جديدة، وسأبكي وحدى لما لحق بك من أذى.
سأعمل جاهدة على أن تخطو قدماكِ كل الأراضي الممكنة وأن تُمّلي عينك منها.

ابنتي كل ما أعرفه عن الله هو أنه يرضي ويصفح مادمنا لم نتلوث بالزيف والشر. ما دمنا نجبر الكسر والخاطر. مادامت الحياة لم تمت فينا. أما ما بينك وبينه من طقوس وفرائض، فلا سلطان لى عليه، أرى الله دائما في مجالس الفن. أراه في الجمال. في الضحكات العالية، فتشي عن الله بطريقتك في كل أماكن العبادة وصالات رقص الباليه وفي عشم نظرات السائلين، في الصدف وفي القدر.. فتشي عنه وحين تجديه، ستجدين كل شىء.

أراكي دائما في عيون إيفان بطل فيلم August Rush
عندما سُئِل عن حبه للمزيكا فـ أكد أنه يحبها أكثر من الطعام، أتمنى أن تتخلي عن عاداتى الغذائية السيئة وتتمتعى بشهية قوية، رحبي بالمزيكا من كل اتجاه ومكان، فلها مذاق يشبه مذاق موطنها.. سافري من خلالها.  
حبيبتي، تمردي عليّ. إذهبي واختبري كل المشاعر والتجارب الموجودة. ابتلعي دموعك أمام العالم وأفرغيها بأحضانى.. أراكي قوية دائما حتى وأنا جالسة على الأرض لأصعد بكِ، سأكون دائما هنا. وأعني بهنا كل مكان ستخطوه قدمك. سأكون ملاذك مثلما أنتِ دائما ملاذي حتى وأنتِ لم تتعد حدود قلبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top