سمر الزهيري تكتب: الراقصة والسياسي

\”مدكور: ما اقدرش اتوسط لرقاصة.

سونيا: إيه الحكاية.. رقاصة رقاصة، ما إحنا الاتنين زي بعض يا عبد الحميد.. كل واحد فينا بيرقص بطريقته.. أنا بهز وسطي، وأنت بتلعب لسانك وتخطب.

مدكور: الفرق شاسع يا عالمة يا…..

سونيا: أنا اقولك الفرق.. إحنا الاتنين بنطلع في التليفزيون.. أنا الناس بتتفرج عليا، وأنت أول ما بتظهر، الناس بتقفل التليفزيون، لأن رقصك مالوش جمهور\”.

من منا لا يتذكر ذاك المشهد الشهير بين مدام سونيا الراقصة وعبد الحميد بيه مدكور السياسي صاحب ذكرى إحدى الليالي الحمراء مع تلك الراقصة الشهيرة.. ذاك المشهد الذي جمعهما في أحد النوادي الرياضية، مطالبة إياه بالتوسط لها لاستخراج موافقة أمنية، والسماح لها بإنشاء دار أيتام خيري.

بعيدا عن ملابسات المشهد، ولكن.. نعم، فإن الفن دائما متمثلا في جميع صوره وأشكاله، هو صاحب القاعدة العريضة من الجمهور.. هو القائد والمنتقد والمصحح للمسار، هو دائما الرأس الناطحة لأي نظام.

لذلك تسعى الأنظمة الضعيفة باستمرار لمحاولة تسخير الفن واستقطابه لخدمة أغراضها السياسية ومصالحها الوقتية.. أما من يعجز عن استقطابه، فإنه يحاربه بالحديد والنار، وتفتح له أبواب السجون، والمعتقلات على مصراعيها، حتى إذا قيل لها: هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيد؟

اللهم إلا تلك العناصر الفنية الهرمة التي اعتادت على الانصياع الإرادي واللإرادي، حتى صار جزءا لا يتجزأ من جيناتها الوراثية.. وطاب لها على مر العصور مضاجعة الأنظمة الحاكمة والتهليل لها وتنفيذ كل ما يطلب منها، بل وتزيد.

الأنظمة الضعيفة وحدها هي من تخشى عنصري الفن ولشباب، ولا تكل ولا تمل من ملاحقتهم وقمعهم بنفس العقول والأساليب المهترئة المعهودة المسأومة.

ظنا منها أنها لازالت تستطيع ممارسة هوايتها المفضلة من تكميم ومصادرة لحرية الرأي والتعبير.. هذا لأنها ببساطة شديدة لا تريد سماع أي من الأصوات، سوى صوتها وصداه فقط، نظرا لأنها متمثلة في شخص عبد الحميد بيه مدكور، تعلم جيدا أن \”رقصها مالوش جمهور\”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top