سمر الزهيري تكتب: أخبرني عن معايير السعادة أولا.. ثم ضع لها وزيرا

اختلف مع اولئك الأعزاء المنبهرين والمشدوهين بقرار الأمير المجتهد محمد بن راشد آل مكتوم حاكم إمارة دبي في تعيينه وزيرا للسعادة في إمارته السعيدة.

حيث اجد في هذا القرار والخبر كله أنه يشطح إلى الخيال الكرتوني الطفولي، ليذكرني بلعبة المزرعة السعيدة الشهيرة،  أكثر ما يكون منه اقترابا وقابلية للتنفيذ على أرض الواقع.

لكننا قطعا من جانب آخر لا نملك سوى تقدير هذا القرار والاجتهاد، ولو على مضض، من باب أنه \”بيلبق لهم\” على قول أشقائنا من أهل الشام، أو تيمنا بمقولة \”من حق الكبير يتدلع\”، على قول أولاد البلد من أهالي المحروسة المتعوسة.

نعم بكل صدق فإنه يحق لهم الدلع والدلال، ولمّ لا وقد استطاعت تلك الإمارة وبسرعة البرق أن  تنافس وتصبح في مصاف الدول المتقدمة وتبارز أعتى الدول العظمى من حيث توفير كافة عوامل الجذب الاستثماري والسياحي والمعيشي، مرورا بالمتطلبات والثوابت من حقوق الإنسان، وصولا إلى كافة وسائل الرفاهية والجمال، بل وتفوق.

لعل وقع الخبر وصدمته التي انعكست على الجميع، تكمن في خياله ليس أكثر، ذلك أنني أجده بكل صدق منصبا مستحدثا وهميا غير محدد المهام، الهدف منه التباهي على طريقة السيدة المصرية الأصيلة التي تتباهى بنشر غسيلها الأكثر بياضا أمام الأخريات من نساء الحارة، بهدف الإغاظة ليس أكثر.

ولعل أهم ما لم يجعلني انساق وراء الجموع الغفيرة ممن وقعوا لا إراديا في فخ مصمصمة الشفاه وندب الحظ على الطريقة الفلكلورية الشعبية المتأصلة، قهرا على حالنا المتعوس، هو أنه ببساطة شديدة ليس للسعادة تعريف ثابت في المراجع ولا المعاجم سيدي الفاضل، لكن استقينا من الحياة وتجاربها وتجارب من سبقونا أن السعادة تكمن فقط في الكمال والاكتمال.

ولن يفيد الانتقال إلى أسعد البلدان إذا كانت العلة في القلب والروح، فالجميع.. الجميع ينقص عليه ما ينقص مما لا يستطيع أي منصب كرتوني منحه أياه بكل الأحوال.

المريض سعادته في الصحة.. الفقير سعادته في المال.. العقيم سعادته في الذرية.. العاشق سعادته في رضا الحبيب، وأكثر.

يستطيع كل وزير أن يصبح وزيرا للسعادة في منصبه، فوزير الصحة إذا عمل بجد وجهد وعمل على تحسين الخدمات الطبية وراحة المرضى وارتفعت نسبة الشفاء ومستوى المستشفيات الحكومية والتأمين الصحي لكل فرد، سيكون قطعا مبعثا للسعادة.

وزير البيئة  بقليل من الاهتمام وتجميل الشوارع والعمائر و الميادين، من السهل أن يشيع البهجة في أفئدة المواطنين، فيحظى بلقب وزير السعادة.

وزير المواصلات / التربية والتعليم / الثقافة.. إلخ.. كل في موقعه.

اقترح أن يكون اللقب هدفا يعمل عليه جميع الوزراء والمسئولين، كل في منصبه، ويسعون إليه لاقتناصه وليس العكس.

قل لي يا سيدي ما هي السعادة أولا، ثم ضع لها وزيرا لها..

هكذا فقط يستقيم الحال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top