لم أكن يوما من المندهشين المبهورين إلا قليلا، اجد نفسي متماسكة بشكل ما أمام الأضواء الساطعة والأشجار الضخمة الثابتة والكلمات الرنانة وأصحاب النبرة الحادة العالية التي تجبرني على تجاهلهم، وإن كانت هناك دهشة، كانت دائما من يقينهم وتأكدهم، متساءلة: أي قدر من الحماقة بداخل هؤلاء، يجعلهم على هذا النحو من التأكد؟! من أين أتوا بهذا القدر من الثبات؟! لماذا لم تخالطهم لحظات شك -ولو قليلة- تؤكد على كونهم لحما ودما؟! أهو الجهل، أم الغرور، أم الاستهتار؟
ينتابني شعور يتراوح ما بين الأسف والسخرية من أصحاب الخطوات الثابتة والمقولات الرنانة سهلة الفهم والتصديق -رغم خفتها وضحالتها- تزعجني وجوه النجوم والمشاهير على أغلفة المجلات، مصحوبة بكلمة على لسانهم: \”قلبي أبيض، لكنني شرسة وقت اللزوم\”، أو \”اختار أدواري بعناية\”، وفي الحوارات التلفزيونية بأزيائهم شديدة الصخب والتأنق، وتصريحاتهم الجاهزة، وكأنهم أخرجوها توا من الثلاجة.
ربما لديهم القدرة على تثبيتك، لكنه أشبه بتثبيت لص لعابر غريب، في الوقت نفسه، تحوطني طاقة راحة واطمئنان عندما أرى وجها لموهبة حقيقية دون مبالغة أو ادعاء، غير مهمومة بعلو الصوت، والفرق بينهم يشبه الفرق بين القماش المصنوع من الألياف الصناعية اللامعة الممتلئة بالضجيج، وقطعة من الكتان الأبيض قليل الصفار، لكنه رحيم، فنبرة الثقة والصنعة في صوت عبد الحليم، اخرجتني من آلاف المعجبين به، وهوس منير بذاته، دفعني بشده للتخلص من تاريخه معي، وعضلات عمرو دياب، لم تتح لي أن اقتني له ألبوما غنائيا يوحد ربنا.
فرحتي بسعيد صالح، مقابل استفزازي من عادل إمام بشفته المقلوبة امتعاضا وتعاليا.. حتى وهو بيأدى دور حرامي!
وبمرور الوقت وتتبع مواقفهم ومحكاتهم الحقيقية، يثبت أنهم ليسوا على بينة كما يدعون.
طوبى للشاكين غير المتأكدين.. طوبى لـ علي الشريف وإبراهيم سعفان ونجاح الموجي ونجيب الريحاني وأحمد كمال وسيد رجب.. طوبى لغصن شجرة الصفصاف على حافة النهر.