كانت ولم تزل وستظل قضية الشاب الإيطالي \”جوليو ريجيني\” مستمرة وقائمة وحديث الإعلام في مصر والخارج، وستظل إيطاليا غاضبة، وسيبقى الأمر مبهما لفترة قد تطول.. المنطق والعقل يقول إن هناك نقاط يجب التحدث عنها بعيدا عن منطق التخوين أو التشكيك أو الجزم.
(1)
لا يملك أحد أو مؤسسة دليلا واحدا أو إجابة شافية على السؤال: \”من قتل أو عذب ريجيني، وكيف ومتى وأين ولماذا؟\”
(2)
معاينة نيابة جنوب الجيزة في 3 فبراير 2016 عقب ساعة من العثور على جثمان الشاب الإيطالي في الكيلو 3 بطريق مصر إسكندرية الصحراوي أشارت إلى أن: \”القتيل تعرض للتعذيب وظهرت آثار للتعذيب في جسده، وأذنه بها جرح قطعي وكأنها مقصوصة بمقص\”.
(3)
ولمن يسأل أو سأل مؤخرا: \”وكيف عرفوا أنه ريجيني، رغم أن جواز سفره وأوارق هويته وحسب بيان الداخلية الأخير كانوا بحوزة التشكيل العصابي؟
أقول: عقب العثور على الجثة.. عرفّتها النيابة ومحضر الشرطة الأولي بكلمة \”مجهول\”، ولكن لا تنس أن الحديث قبل أسبوع من العثور على الجثة في الإعلام كان عن الشاب الإيطالي المختفي، وعليه تم استدعاء شاب يسكن معه في نفس الشقة بالدقي، وقال: \”أيوه هو ده ريجيني\”.
(4)
واستمر الجدل طويلا، وزادت حدة الغضب كثيرا في إيطاليا، وكان الأمر به نبرة واحدة عن القضية: \”جهاز ما ألقى القبض على الشاب وعذبه، وانتهى الأمر بالتخلص من الجثة في مكان العثور عليه، وإحكاماً في الغموض، كان نصف الشاب عاريا للحديث عن شذوذ\”، وزاد من هذه الرواية أن الشاب له مقالات للدفاع عن العمال والهجوم على مصر.
(5)
ويسألك أحدهم: \”طب ولنفترض أن جهازا أمنيا قتله.. هل يتخلص منه بهذه الطريقة؟ وهل يعذبه بهذا الشكل؟ وهل لا يجد حفرة يلقيه بداخلها سنين؟ ألم يكن بوسعه ترحيله؟، ويرد آخر: \”ممكن يكون ضابط، اتغاشم عليه.. والواد مات في إيديهم، وحصل إنهم تخلصوا منه وعروا نصفه السفلي\”!
(6)
وظهر منحنى جديد في القضية.. عندما صفت أجهزة الأمن صباح الخميس الماضي 5 من أفراد تشكيل عصابي \”شيك جداً\”، يسرق ضحايا بحرفنة ومن غير دم، وتم الترويج من \”تحت لتحت\” باحتمالية تورطهم في قتل ريجيني، وتسأل نفسك: لماذا قتلوا جميعا، وكان من الأفضل والأروع إطلاق الرصاص على إطارات السيارة، وإجبار قائدها على التوقف، وإطلاق الرصاص من بعيد، حتى يعلن مستقلي السيارة الإستسلام؟! فكيف يكون لديك علم بأن هذه عصابة متخصصة في سرقة الأجانب، وربما يكون لها علاقة بـ\”ريجيني\” وتقتلها هكذا؟ وربما يقولك لك البعض: \”صفوهم خوفا من سقوط ضباط شرطة في المواجهات.. ولو ضابط اتقتل أو 2، هتقول إيه.. الشرطة خابت ليه؟!\”
(7)
وتبدلت الأمور أكثر لتثير جدلا.. عندما ظهرت متعلقات ريجيني في منزل شقيقة زعيم التشكيل العصابي.. هذه \”الساعة والحقيبة والنظارات الثلاث وهواتفه\”، وتتوالى الأسئلة.. كيف يحفتظ أفراد التشكيل بأشياء ريجيني، وقد حدثت حوله ضجة في الإعلام، ومؤتمرات صحفية، وحديث لا ينقطع، ولماذا يقتله أفراد التشكيل أصلا، ويحتفظون به أسبوعا في البداية، قبل أن يتخلصوا من الجثة.. وهل قتلوا من قبل؟
(8)
غالبية ضحاياهم.. تعرضوا للخطف اللذيذ.. الخطف الآمن.. بمعنى.. اركب معانا العربية.. فيه جريمة قتل هنا.. ثم يستولون على أمواله وهواتفه، ويجوبون المنطقة بالسيارة، ثم يلقون الضحية من السيارة بهدوء ويختفون.. إذا شغل هذه العصابة \”نظيف\”.. غير ملوث!
(9)
وتتوالى الأسئلة: \”وهل عصابة كهذه تجيد الحديث بالإنجليزية أو الايطالية، كي تحتفظ بالشاب الإيطالي وتستجوبه وتطلب فدية وتعذبه وهكذا وهكذا، أو كان لديهم مترجم؟!\”
وتأتيك الإجابة: \”يا سيدي ومين قال إنهم قتلوا أصلا.. هم سرقوا بس.. التحقيقات والداخلية تراجعوا عن قصة القتل، وقالوا لسه التحقيقات مستمرة\”!!
(10)
وتسأل أنت: طب وكيف وصلت أشياء ريجيني هذه إلى زعيم التشكيل العصابي، ولماذا أرسلها فقط مساء الثلاثاء الماضي إلى شقيقته في شبرا الخيمة، أي بعد نحو 60 يوما من واقعة ريجيني وسرقته؟ لماذا تأخر كل هذا الوقت؟ ولماذ يحتفظ اللص.. أي لص بهواتف وأوراق وهويات ضحيته؟ ألن تكشفه؟ ولا تجد إجابة.
تقول شقيقته: \”أيوة أخويا جاب لي الحاجة دي\”، وإن أردت أن تعرف أكثر، فالأكثر عند المرحوم.. ماسألتوش دي حاجة مين ولا اتاخر ليه؟!
(11)
تسأل أنت ويسأل هو ويسأل الجميع، ويسأل القاصي والداني والإيطالي:
من قتل ريجيني؟ ومن عذبه؟ ومن ألقى بالجثة؟ وكيف ذهبت أشياؤه إلى العصابة؟ واليوم قال وزير داخلية إيطاليا: \”المحققون المصريون راجعوا موقفهم بالنسبة لمقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، نتيجة إصرار إيطاليا، وبعد رفض سيناريو مقتله بيد عصابة إجرامية\”
(12)
لا أنا ولا أنت نملك الحقيقة، أو دليلا على من القاتل أو المعذب، ولكن نبحث وننتظر.
منذ قليل سألت مصدرا قضائيا: \”هل كان ريجيني يذهب إلى التجمع الخامس؟\”، قال: \”الدراسة هناك، ومبنى الجامعة الأمريكية هناك، ومبنى الجامعة في وسط العاصمة إداريا فقط\”، وسألت مصدرا أمنيا: وأين كان نشاط العصابة، قال: \”التجمع الخامس ومدينة نصر\”
(13)
ولكن إذا كانت العصابة هذه خطفت، فلماذا تقتل، وهي تسرق فقط؟ وإن كانت العصابة تسرق فقط.. لماذا تعذب؟ وإن كانت عذبت، فلماذا تتخلص من الجثة في هذا المكان بطريق مصر إسكندرية -حوالي 70 كيلو من مسرح جرائمهم-.. لماذا ولماذا ولماذا؟
(14)
كل الأسئلة السابقة يملكها طرفان فقط.. الأول هو من قتل ريجيني، والثاني هو ريجيني نفسه، ويبقى السؤال: من قتل ولماذا؟ وتسأل ريجيني: أكان لابد أن تموت يا ريجيني؟ أكان لابد أن تموت.. تموت في مصر؟!