سامية بكري تكتب: (نيللي وشريهان) و(أندرويد).. التسلية لوجه التسلية

أعمال رمضان هذا العام يصدق عليها مقولة \”كثيرون حول النكد.. قليلون حول الكوميديا\”، فمن بين عشرات المسلسلات يطل علينا عدد لا يزيد عن أصابع اليد الواحدة من المسلسلات الكوميدية، ومن أبرز ما لفت نظري في هذه المسلسلات \”نيللي وشريهان\” و\”سيد أندرويد\”.

في توليفة شبابية بنكهة مصرية تماما، قدم صناع مسلسل \”نيللي وشريهان\” متعة خالصة لمشاهديهم، تجعلك تقف قليلا لتفكر بعظمة فن صُنع فقط للتسلية، حيث استطاعوا جذب الأنظار لهذا المسلسل البسيط، الذي لا يدعي الفخامة ولا العمق، بل يعلن عن نفسه منذ اللحظة الأولى أنه مسلسل للتسلية والمتعة والكوميديا، لوجه الكوميديا.

في الحلقات الأولى، يحدث الاحتكاك بين الأسرتين المختلفتين في الوسط الاجتماعي والاقتصادي، فـ نيللي المرفهة هي ابنة عم لشريهان الكادحة بنت المنطقة الشعبية، التي تعيش مع خالتها سلوى خطاب.. تتجلى سلوى خطاب في أجمل أدوارها الكوميدية كبنت بلد دايخة ومجربة، تعرف العفريت مخبي ابنه فين، بينما تمارس دنيا وإيمي سمير غانم سحرهما المعتق، وتنثران علينا خلال ثلاثين يوما متتالية من قارورة الكوميديا التي ورثتاها عن الوالد العظيم.

وبجانب نيللي وشريهان، يتألق نجوم اثبتوا نجاحهم من قبل في برامج مثل \”ستديو مصر\” ومسلسلات مثل \”الكبير قوي\”، وهم مصطفى خاطر، ومحمد سلام، وبيومي فؤاد، ويتألق

محمود الجندي في دور عم دهب، وأحمد حلاوة في دور عم بندق؟ بينما تطل دلال عبد العزيز إطلالة محببة في دور الجدة بطة، ولا انسى الوحش سلوى خطاب ككوميديانة فاخرة لدور من أجمل أدوارها.

ازعم أن كاتب المسلسل رجل رائق، يكتب الكوميديا بصباع رجله، فيتلقفها النجوم الشباب ليضيفوا إليها آداءهم الرائق أيضا، فتضحك لإيفيه بسيط أو جملة عابرة، لكنها مصنوعة بمعلمة، ثم تأخذك القصة البسيطة لتتابع الأبطال وهم يبحثون عن كنز تركه الجد ميكي، فيما يشبه الحدوتة القديمة، حيث الكنز هو اللمة والصحبة والتجربة التي تصهرنا لنتكاتف ونتعلم ونتغير.

المسلسل لا يعطي حكما ومواعظ.. فقط يتركك لتستمتع وتضحك مع أبطاله، وحتى شخصياته الثانوية المكتوبة بشكل حرفي متقن، حيث يظهر النجوم الكبار كضيوف شرف مثل حسن الرداد وهند صبري، كما يتلقف المسلسل إيفيها مثل الخليل كوميدي ليستغله في سياق العمل.

اسم المسلسل أيضا يسجل هدفا موفقا، فهو يلعب على وتر الفوازير والتراث الكبير لنيللي وشريهان، وتكتمل الصورة بتتر غنائي ثمانيناتي لا يبتعد كثيرا عن روح وتجربة الفوازير.

استمتعت كثيرا وأولادي بهذا المسلسل، لصدق من قاموا بعمله، ورغبتهم في تقديم وجبة كوميدية خفيفة متقنة الصنع بدون ابتذال أو سخافة أو تسطيح، بل بجدية واهتمام افتقدته كثير من المسلسلات المتجهمة التي انُفق الكثير لانتاجها، ولم تشبع الغرض الذي قدمت من أجله.

تجد مثلا مواقف بسيطة مثل بحث الأبطال من الرجال عن عدد مجلة ميكي القديمة، والذي يصل بهم إلى ارتكاب المخالفات والوقوع في يد الشرطة، تتم بسلاسة ويسر، حيث يتحلى الأبطال بروح مرحة تساعدهم على التخفي في ملابس مختلفة ليتمكنوا من مواصلة البحث لحل لغز الكنز والهروب من مطاردة الشرطة، ليحدث ذلك التداخل والتناغم بين عالمين، أحدهما متعلم ومرفه، والثاني كادح فقير، لكنهما اتفقا على هدف واحد، هو العثور على الكنز، أو لعب المساجين الأولى داخل التخشيبة في جو طفولي أخّاذ يليق بفنانين يقدمون العمل وكأنهم يلعبون، بالمعنى الممتع للعب.

تحية واجبة لصناع العمل.. المؤلفان مصطفى صقر وكريم يوسف، والمخرج أحمد الجندي.

لفت نظري أيضا مسلسل كارتون يقدمه الفنان محمد هنيدي هو \”سيد أندرويد\”، حيث تدور أحداث المسلسل داخل عالم تكنولوجيا الإنترنت والهواتف الذكية، ويتناول المسلسل علاقات حب وصداقة وعداوة، ينتج عنها العديد من المواقف الكوميدية.

المسلسل مكتوب أيضا ببراعة وحرفية، وبه كم هاديء من الكوميديا الحقيقية غير الزاعقة، لكنها تنتزع الضحكات ببراعة.

شارك هنيدي إنجي وجدان وعمرو عبد العزيز ومجموعة من الفنانين، ليقدموا الكوميديا من خلال هذا العالم الجديد بلمحة شبابية بدون استظراف أو تزّيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top