اليوم.. قد أتممت رسالتي في الحياة!
إبني الصغير(يحيي) إسم النبي حارسه وضامنه أخد الشهادة الكبيرة! السلاح الأقوى الذي يمكنه من تغيير العالم وتشكيل المستقبل ومواجهة المجهول!
بفضل الله.. أوشك (يحيي) على إتمام المرحلة الحضانية، والتأهل -بصعوبة- للمرحلة الإبتدائية.. (يحيي) ينهي فصلا مهما من حياته الأكاديمية، ويتخرج من KG2، وها نحن نستعد لمراسم حفل التتويج المهيب!
في البداية، دعونا نتفق على حقيقة كونية ثابتة، وهي بمنتهى المباشرة أن الأمهات هطل! كائنات بلهاء تمشي على الأرض! زومبيز!
لما واد قزعة مفعص يخلليني أقشعر وأدمع وأغرغر علشان لابس بمباغ أحمر وواقف على مسرح بيغني أغنية مملة لوردة أو لعالم سمسم.. يبقي أكيد هناك قوة خفية ما بتسيطر عليا وعلى قريناتي من الأمهات المنومات مغناطيسيا اللائي تظهر عليهن نفس الأعراض الملزقة!
أما عن الآباء، فهم قصة مختلفة، حبهم لأبنائهم حب مبصر، وليس أعمى، حب موضوعي وطبيعي ويقف على أرض صلبة.. ناس طبيعين!
وعليه، فلقد بذلت مجهودا خرافيا في الأسبوع السابق لحفل (يحيي) في محاولتي لإقناع (موسى) – زوجي- بحضور الحفل الكبير والمهم، وبعد أيام وأيام من الإقناع والترغيب والترهيب والشد والجذب والإبتزاز العاطفي، نجحت في دفع (موسى) دفعا إلى مسرح المدرسة، وأنا أقف خلفه ممسكة بمنكبيه وبازقه في اتجاه المسرح وكعوب رجليه بتطلع شرارة في الأرض من أثر المعافرة والمقاومة.
موسى: يا صوص ما أنتي رايحة خلاص، البركة فيكي، أنا هاروح اعمل إيه؟
أنا (و انا بازق وبانهج): معلش يا موسى، علشان خاطري، هاسلق لك فرخة، ياللا!
موسى (مقاوما): يا صوص والنبي سيبيني أروح الشغل، والنبي!
أنا (بدأت أزق بإيدي ورجلي): معلش معلش، هانت أهو.. مش عايز تشوف يويو وهو بيغني ع المسرح؟
موسى: لأ مش عايز!
أنا: إخص عليك! ده شكله في البابيون فشر محمد قنديل في شبابه! بطل غلاسة بأة، هي ساعة، والله هاتتبسط، وصلنا أهو، إهدى بأة!
نجلس بمقاعدنا أنا وموسى، وتبدأ الأمهات في الهيستيريا الجنونية والتحمس المتطرف وتبادل السلامات والدعوات والإغماءات، وأنا محلقة على (موسى) وحاطة إيدي عليه بالورب زي حزام الأمان كده لضمان بقائه.
وها هو يفتح الستار عن (يحيى موسي) وأقرانه، وهو يرتدي البمباغ الأحمر الشهير، فيحييه جمهوره تحية كبيرة هادرة، فيبتسم (يويو) وينحني، فتزداد عاصفة التصفيق وترتفع التحيات من أرجاء الصالة، و(يحيي) ينتفخ زهوا ولا كأنه بيستلم جايزة نوبل في الفيزياء.. مش هايغني (وبعودة الأيام)!
تبدأ الفقرات العظيمة، وأنا واقفة باصقف واصور واصفر واصوت واتمتم بالأغنيات اللي يويو بيقولها زي الهبلة، وموسى بيفرك وبيبرطم وبيحاول يملص.
أنا: معلش يا موسى استحمل.. أنا حاسة بيك والله، هانت!
موسى: سارة.. يحيى شافني وعرف إني جيت وعمل لي باي باي والجو كله.. أمشي بأة.. أنا باتعذب!
أنا (كذابة طبعا): ليه يا موسى؟ دي أغاني مؤثرة ولطيفة.
موسى: أوي أوي.. بالذات الأغنية اللي فاتت بتاعة (the wheels of the bus).. بجد لمست حاجة فيا وخلتني أدمع! داست على الجروح الداخلية! بس أصلي عندي حصوة في الحالب، ولما باتفقع بتتحرك وباتعب أوي.. والنبي!
أنا: إيه يا موسى؟ بلاش دلع بأة! مش قادر تستحمل ساعة علشان إبنك من غير شكوى؟ نخلص الحفلة وامشي! الله!
ثم تمسك مقدمة الحفل المايكروفون، وتعلن عن الفقرة القادمة قائلة: والآن سيداتي وسادتي.. مع الطالبة (مش عارفة مين) من KG1 وهي تغني أغنية (بحلق لي وبص لي)، وكانت هذه الجملة بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير!
فز (موسى) من مقعده وقد طفح به الكيل.. تمتم ببعض الألفاظ النابية، وأشاح بيده، وغادر دون تفكير، وهو بيسب ويلعن ويعفر!
أسمعه من بعيد وهو يغمغم: هي وصلت لبحلق لي وبص لي؟ لا لا لاااا!
أم الـ #$%#$%$ على الـ %^$%^% على الـ $%#$$..على يحيى نفسه! قال بحلق لي وبص لي قال!
أنا: يا موسى إستنى بس! يا موسى! موسى رد عليا! موسى! طب بحلقلي بحلقلي بحلقلي وبصلي وأنا باكلمك!
ويبتعد (موسى) شيئا فشيئا ويختفي وسط الحشود غير عابئا أو نادما.
(ياللي انت مالكش قلب.. مالكش قلب.. مالكش قلب، علشان تعرف تحب هيه هيه هييييييه مالكش قلب).. \”بصوت جورج وسوف\”.