اجلس أمام التلفاز بكامل انتباهي وحماسي، أتابع فاعليات افتتاح قناة السويس الجديدة، وقد انبثت في روحي اللهفة والحماسة، واغرورقت عيناي بدموع الفخر والسعادة والأمل، وسرت في جسدي قشعريرة قوية وشعور غامر ورومانسي بالظفر بفعل تأثري القوي بهذا الحدث الجلل.
يلج ابني الأصغر (يحيى) من الباب، ويقترب مني ببطء، ثم يحملق في وجهي بنظرة متفحصة، ويسألني واجما قلقا..
يحيى: مالك يا ماما؟؟؟؟ إنتي زعلانة ليه؟؟
أنا (متأثرة): لا يا حبيبي أنا مش زعلانة، أنا مبسوطة.
يحيى: مبسوطة؟؟ أومال عاملة حواجبك كده ليه؟؟؟
أنا: لأ دي حواجب الفرحة الممزوجة بالتأثر.
يحيى: ممم.. ماشي.. طيب فرحانة ليه؟
أنا: فرحانة يا يويو علشان مصر بلدنا نفذت مشروع كبير ومهم ومفيد لينا ولبلدنا، والعالم كله بيقول لنا برافو عليكوا.
يحيى: مشروع إيه ده؟
أنا: بإختصار يا يويو، مصر حفرت ممر كبير مليان ميا، بيربط بين بحرين، علشان السفن الكبيرة تقدر تعدي منه، بدل ما تلف لفة كبيرة، والنهاردة مصر بتطور الممر ده وبتوسعه علشان سفن كتييير تعرف تعدي منه.
يحيى: والسفن الكبيرة دي عايزة تعدي ليه؟
أنا: الدنيا مصالح يا يويو.
يحيى: ولما تعدي هايحصلنا إيه؟
أنا: هايدفعولنا فلوس، وناس هاتشتغل، وبلدنا تبقى أقوى وأأمن.
يحيى: كل ده علشان السفن هاتعدي من البحر اللي عملناه؟
أنا: أيوة
يحيى: بس يا ماما مش ربنا هو اللي عمل البحر؟
أنا: أيوة يا يويو، بس القناة دي ماكانتش بحر، دي كانت أرض، وإحنا اللي حفرناها علشان تبقى بحر.
يحيى: ليه؟؟؟
أنا: يا ابني علشان السفن تعدي!!!!
يحيى: طب وليه نحفر ونتعب ونملا الحفرة ميا ونعملها بحر؟؟؟ ليه نخلي الأرض بحر؟؟؟ ما يعدوا بعربيات على الأرض وخلاص؟؟؟
أنا: فكيك أوي اسم الله!!! ما هو \”البحر\” اللي حفرناه ده بيوصل بين بحرين!! يعني هما أصلا ماشين بسفن في البحر من الأول!!
يحيى: طب ما يركنوا السفن لما البحر الأولاني يخلص، ويكملوا بعربيات ضخمة برضه الحتة دي، وبعدين ياخدوا سفينة تانية عند البحر التاني!!!
أنا: ما شاء الله!!! ياخدوا سفينة من أول فيصل بأة!!! واهو بتوع المايكروباصات يرزقوا برضه… ( بحر متوسييييط متوسييبط متوسييييط…. عربية البحيرات المرة فاضية ورا يا خواننا!!! )
يا حبيبي مفيش الكلام ده!!! و بعدين أنت خايف على تعبنا ليه بس؟؟؟ إتحفرت خلاص واتوسعت كمان وكله تمام.. والنهاردة الحفلة! ارتاح إنت بس!
يحيى: يعني البحر أسهل من الأرض؟؟؟
أنا: إنت ليه مصمم تقتل الفرحة جوانا؟؟؟ إنت معانا ولا مع الناس التانيين؟؟؟
يحيى: يعني أنتي فرحانة علشان أنتي بتحبي البحر؟؟؟ البحر حلو؟؟؟ السفينة حلوة؟؟؟
أنا: السفينة حلوة؟؟؟ أنت مطلعني تافهة كده ليه؟؟؟ إحنا في كوكي بارك؟ مش حكاية حلوة يا ابني!!!
يحيى: لا صح صح.. السفينة حلوة.. برافو
(الطيارة حلوة)
(الصين حلوة)
– برافو!!! لأ برافو!!! تعرف كده أحسن؟؟؟ مع إني كنت ممكن أقراه كده!
– تقراه كده إزاي؟
– كنت أنا هاتلوح كده
(وإوعوا تحلوا المراكب… والله يا ناس ما راكب.. ولا حاطط رجلي في الميا)