سارة عبدالعزيز تكتب: رأيي في بعض أعمال رمضان التي لن اذكر أسماءها.. اكتشفها بنفسك

عن التمثيل رأيت الكثير، ولن أذكر أسماء ممثلين وممثلات قتلهم الغرور، وكان من الممكن أن يكونوا أعلى بكثير، لولا أن مغالاتهم في تقدير ذواتهم، وأيضا مغالاة الآخرين في تقديرهم، حددت إقامتهم في مستوى معين، مع إنهم يتمتعون بالموهبة.

وهناك آخرون ظلمهم النصّ السيء، وحدث نفس الشيء لمخرجين وكتّاب أيضا، لكن بنسبة أقل.
على صعيد آخر.. هناك عمل معين، مخرجه وكتابه وممثلوه على مستوى عالٍ في العموم، لكن لأن الورق سقط، أخد معه بقيّة عناصر العمل للقاع، وحتى على مستوى الإخراج، تخبط مخرجه ما بين إخراج الرعب والنفسي، وأصبح لسان حال الشخصيات ساذجا واهنا، وأحيانا ينطق لسانهم بجمل هي أقرب للشرح منها لصراعاتهم الداخلية، وإيقاع رتيب ممل وشخصيات مهمشة كرتونية لا تحمل أي تاريخ، وهناك بعض الحلقات لا يوجد بها أي حدث مهم سوى شخصين يأكلان الفيشار ويحتسيان القهوة بشكل متكرر!

أما الشخصية المهمة المحورية في هذا العمل فتدور في فلك نفسها، لنرى الممثلة العظيمة التي تجسد الدور، تُظلم في محاولة ارتجال خط تمثيلي تسير عليه، لفراغ النص وضياع مفرداته.
وهناك عمل آخر عن رواية لكاتب كبير، وهذا العمل كان عظيما في حلقاته الأولى، ومدهشا.. كاد أن يصبح أهم عمل درامي في السنوات العشرة الأخيرة.. مختلف وغير نمطي، لولا انسحاب العمل لمنطقة \”الكليشيه\” في البناء الدرامي لحلقاته، فارتبك في الحفاظ على روحه المختلفة في البناء والتفاصيل، ولكنه حافظ على المستوى المتميز في الإخراج والملابس والديكور والتمثيل، أما النص فارتبك ووقع في فخ \”كليشيه\” انتصار الشر، واستمتاع الشخصيات الشديد بتنفيذه، دون أدنى شعور بالذنب، وكأنهم في حالة تباهي بشرهم، ليشعر المشاهد الطيب بوحشة وغربة، وكأنه يعيش في غابة مظلمة.. يتحسس خطاه فيها، وهذا النمط من الكتابة اعتاد عليه كاتب السيناريو، والذي دخل على العمل البديع، فأفسد عالمه الفريد بنمطية الشر الغارق فيها، والتي ليست بالضرورة نوعا رديئا من الكتابة، ولكنها حلقت بعيدا عن الروح الغالبة على العمل، بمفرداته الخاصة التي تتعمق في وصف الشخوص والتأمل في عوالمهم، وحتى الاحتفاء بهزيمتهم، في قصيدة حالمة أكثر منها مجرد سرد حدوتة يقود أطرافها حفنة من الشياطين، لينتصر الشر في النهاية.

أمّا أكثر عمل لمس كل الناس وكل الطبقات، وتفوق في رواية مشاهد الحكاية وتنفيذها بشكل محكم جدا، هو ذلك المقتبس من عمل أجنبي، لنرى كل أطياف المجتمع تنتظره بشغف، لما يحمله من الخلطة السرية للدراما الناجحة.. من قصة حب تبدو -في البداية- مستحيلة، إلا أن حواجز المستحيل تتداعى في أثناء الحكاية، التي تتعدد بها الحبكات، مع شخوص أشرار وآخرين نبلاء، وخط درامي بوليسي أيضا، وإخراج رصين متحكم في أدواته وإيقاعه، وصورة مبهرة حالمة، لتفوز دراما الأبيض والأسود.
وهناك عمل لا يمكن تجاهله، ليس لفشله فقط، أو لسذاجته وتفاهة محتواه، بل لأنه يدّعي أنه امتداد لعمل عظيم راسخ في وجدان الشعب المصري، ومع ادعاء فاشل أن العمل العظيم كأعمال شكسبير، يمكن إعادتها وتقديمها برؤية جديدة (لو أنّ ثمّة رؤية من الأساس)، لنرى عملا مشوها أقرب للكوميديا من شدة سذاجته وسطحيته، وكأنه ضربة مرتبة، وجريمة كاملة ضمن مسلسل ضرب التراث والهوية المصرية في مقتل.

وعموما.. أعمال شكسبير يعاد تقديمها، لكن لا تُقدم بشخوص جديدة تحت اسم نفس العمل.. على سبيل المثال، فنحن لا نستطيع تقديم \”هاملت\” بعد موته، ليظهر له أولاد وأحفاد بلهاء، ونقول مثلا: كان متزوجا من الخادمة سرا! ثم نقول إنها رؤية جديدة لـ \”هاملت\”! جهل مربك فعلا، ورغم ضلاله، فإنه مضحك!

وأخيرا.. نجمة كبيرة تصعد في دور المرأة الشريرة، وبنضج كامل، ملكت أدواتها.. ربما متأخرا، لكن هذا إنجاز عظيم.. أن تُولد نجمة كبيرة من جديد، بعد غرق لسنوات طويلة في \”كليشيه\” السيّدة الطيبة فقط، وبدون سبب أو دراما مهمة، وسط مغالاة في التقدير وصخب النجومية، دون أدوار مهمة أو بذل مجهود حقيقي في الشعور بالشخصيات التي تلعبها، على الرغم من موهبتها الكبيرة الكامنة، وحضورها الملفت، وتاريخها، لكن تلك الموهبة الكامنة، كانت تحتاج لإعادة اكتشاف، وفي عملها الأخير توجد بوادر لهذا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top