سارة السيد تكتب: فيلم "كارول".. من قال إن الحياة سهلة؟

شاهدت فيلم كارول Carol في سينما زاوية بوسط البلد.

الفيلم إنتاج بريطاني أمريكي مشترك. تم إنتاجه في عام 2015 للمخرج \”Todd Haynes\” وبطولة الرائعة Cate Blanchetو Rooney Maraو Sarah Paullson.

تدور أحداث الفيلم في خمسينيات القرن الماضي في مدينة نيويورك المعروفة بالتفاحة الكبيرة، حيث الفرص متاحة للجميع.

تطالعنا \”كارول\” المرأة الناضجة بالغة التالق والتأنق في محل من محلات التجزئة، تبحث عن اللعبة المثالية لتهديها لابنتها الوحيدة في عيد الميلاد. تراها \”تيريس\” الشابة من بعيد، فتتعلق بجاذبيتها الأخاذة.

تسأل \”كارول\” \”تيريس\” عن لعبتها المفضلة عندما كانت طفلة، تستطيع أن ترى من تبادل النظرات بين \”كارول\” و\”تيريس\” تفشي إنجذاب مميت ما يطلق عليه بالإنجليزية fatal attraction\” حتى هذة اللحظة لا يمكنك توقع أن \”كارول\” الأم التي تتكلم عن ابنتها بكل الحب والحنان، هي في الواقع مثلية.

تتطور الأحداث في الفيلم لنرى أن \”كارول\” ليست على وفاق مع زوجها الذي يعارض نمط حياتها المثلي، ويريد أن يبقي على زواجهما بأي ثمن. تحاول \”كاول\” أن تفك الارتباط القائم بينها وبين زوجها دون خسارة ابنتها أغلى مخلوق لديها في الحياة، وهو الأمر الذي يبدو مستحيلا.

نتعرف في سياق الأحداث على \”آبي\” صديقة عمر \”كارول\”، والتي جمعتها بها علاقة جنسية انتهت منذ فترة، ولكنها لم تؤثر على الصداقة الوطيدة التي تجمعهما معا.

تطغى على الأحداث قصة حب \”تيريس\” و\”كارول\”، رغم ابتعاد \”كارول\” المفاجىء عن \”تيريس\” لمحاولتها الحصول على حضانة ابنتها، وعند تعذر حصولها عليها في نهاية الأمر، لا تستطيع \”كارول\” أن تبقى بعيدة عن \”تيريس\”.

يمثل هذا الفيلم قصة حب حقيقية، تشعر بأن \”كارول\” و\”تيريس\” يتميزان بالقوة والصلابة في مواجهة الآخرين، وفي بعض الأحيان بالقسوة، ولكن هذا ليس صحيحا بالنبسة لكل واحدة تجاه الأخرى.. إنه الحب الذي يضعفك أمام الحبيب أيا كان نوعه، سواء كان من جنس مختلف أو من نفس الجنس.

يتميز جو الفيلم الهادىء الذي يشعرك أنك تشاهد فيلما أوروبيا وليس فيلما أمريكيا، بكل صخب هوليوود الذي تعودنا عليه، بالمقارنة بالأفلام الأخرى التي تناولت العلاقات المثلية بين سيدتين على سبيل المثال الفيلم الفرنسي \” Blue is the warmest color\”، والذي يمثل قصة حب بين فتاة مراهقة وسيدة ذات شعر مصبوغ باللون الأزرق، حيث ركز على احتدام العلاقة الجنسية.

على عكس هذا الفيلم، جاء فيلم \”كارول\” بدون مشاهد جنسية متعددة، ليركز على المشاعر بين السيدتين، ويظهر صعوبة وضع الفراق بالرغم من محاولة السيدتين للتماسك، ولكنهما لا يتمكنان من ذلك طويلا.

يقوم الفيلم بتجسيد التحولات الجذرية في المجتمع الأمريكي، المتعلقة بوضع المرأة في هذه الحقبة، والتي اتسمت بقدر أكبر من التحرر. فالبطلتان تعملان وتستطيعان أن تكونا مستقلتين عن الرجال في حياتهما. رغم تسلط زوج \”كارول\”، لا ترضخ لمحاولته ابتزازها عن طريق حضانة ابنتها.. تحارب \”كارول\” من أجل خياراتها الشخصية، وتحافظ على نمط الحياة الذي تمنته.

في النهاية انتصر الحب \”love wins\”، وهو الشعار الذي تبنته الحملة المطالبة بالسماح بزواج المثليين في أمريكا، وتقرر \”تيريس\” أن تقبل دعوة \”كارول\” على العشاء، وهو بمثابة قبول باستمرار العلاقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top