الكتابة في السياحة مهلكة, إلا لو هتكتب بطريقة كتاب الصفحات السياحية في الصحف القومية أو لغة موظفي هيئة تشقيط السياحة, والعبد لله.. لا ده ولا دول.
وإنطلاقا من الأرضية دي، اسمحوا لي بمقدمة قصيرة ومهمة تبين ليه، وإزاي ممكن أكتب عن السياحة.
أنا اشتغلت مدة الصيف من وأنا في تالتة إعدادى, وده كان في الغردقة أيام العز وأيام السائح المقرش صاحب المزاج, واستمر شغلي فترة الإجازة لما كنت في الجامعة، لكن في فنادق 5 نجوم في القاهرة, وأول شغل بدوام كامل بعد التخرج، كان سنة 97 وكان في أحد أكبر وأهم فنادق مصر على نيل الزمالك, وطبعا لو مش واخد بالك من التاريخ، هتعرف إن دي السنة إللي في نوفمبر تلقت السياحة المصرية أقسى شلوت في العصعوص، بحدوث كارثة ومذبحة الدير البحري, وزي ما فلّت من القعدة في البيت وقتها، لبست الجلابية بعد 11 سبتمبر 2001, وتوالت المرجحة بين الفنادق وشركات السياحة الكبرى، وتحديدا في مجال المؤتمرات والمعارض داخل وخارج مصر، حتى ارتديت الجلباب، وانسحبت قسريا من عالم السياحة منتصف عام 2012.
ازعم.. وبعض الزعم ما يضرش.. أن العبد لله، كان عنصرا بشريا ناجحا وموفقا وصاحب كفاءة في المجال ده, لكن ده مش معناه النجاح \”لا في المجال ده، ولا أي مجال في مصر\”، لأني ببساطة، لم أكن حصيفا أو ديبلوماسيا بما يكفى, وطبعا دي خطيئة لا تغفرها الكفاءة، ولا يتخطاها النجاح, بس مش ده المهم.. المهم هو شهادتي من موقع المشاهد والفاعل المشارك في صناعة لها علاقة مباشرة بـ10 مليون مصري وعلاقة غير مباشرة بكل المصريين.
نبتدي منين الحكاية؟
\”يا أخي ابتدي من غير فذلكة فارغة\”
نبتدي من التعريف.. يعني إيه صناعة؟
صناعة يعني مادة خام وتخطيط واستثمار واستراتيجية وإدارة موارد بشرية، وغير ذلك من أركان إنشاء ونجاح وديمومة أي صناعة.. طب إيه في العناصر دي متحقق في صناعة السياحة المصرية؟!
المادة الخام موجودة في شكل منتج سياحي لا مثيل له في العالم, وبدون أي مبالغة، مفيش بلد في العالم عندها منتج سياحي زي مصر.. يعني فيماعدا التزحلق على الجليد \”اللي بيتعمل صناعي عادى\”، لا يوجد عنصر جذب سياحي خلقه ربنا مش موجود في مصر, ومش بس موجود.. لأ.. ده متفوق على مثيلاته في أغلب دول العالم.. من سياحة تاريخية لسياحة ترفيهية وشواطئ وعلاجية ودينية ومؤتمرات وسفاري وفضلة خيرك كافة شئ.
طب المادة الخام موجودة.. باقي العناصر فين؟! \”لو قلت فين هتزعل مني\”.. أحب أعرف حضراتكم، إنه فيما يخص الإستراتيجية، فهي تقريبا لم تتغير من أيام بداية حضور الخواجات مصر للفرجة على المساخيط، وصولا، لأول رحلة منظمة برعاية الخواجة توماس كوك وأنت طالع للترجمان وجيفت بقشيش يا جوني ولغاية النهارده.
الإستراتيجية قائمة على إننا بلد رخيصة, أمنة نسبيا, والخواجة ييجي يتفرج علينا وناخد القرشينات ويغور إياكش ما نشوف وشه تاني.
حتى لما ابتدت سياحة الشواطئ عندنا برضه، فضلنا مصرين نبيعها ببلاش, وده رغم إننا قلبنا الهرم وعملنا أغلب فنادقنا 5 نجوم \”عكس العالم كله\”, فضلنا برضه نبيعها ببلاش علشان جرينا ورا الروسي أبو 20 يورو في الليلةن لأننا فشلنا في إرجاع الياباني بعد كارثة الدير البحري، وما عرفناش نقنع الشريك الإستراتيجي الكاوبوي الأمريكي إننا بلد أمان وإن الأمريكاني إللي بيروح البتراء في الأردن ويطلع منها على إسرائيل ممكن ييجي القاهرة، مش بس ليلة في شرم أو طابا.
يعني إستراتيجية مفيش, أو الإستراتيجية الوحيدة هي هات بوسة يا عم.
طب التخطيط والاستثمار.. حضرتك سمحت لكارثة بيئية ووطنية بالحدوث على كل سواحل مصر.. طلعت بغابة أسمنتية قبيحة على كل الشواطئ.. يعني مفيش كورنيش – إلا شرم.. علشان مش إحنا اللي خططنا- يعني مفيش مجال للسائح إنه يتمشى ولا لابن البلد إنه يشوف الشاطئ، إلا لو دفع فلوس, وبعون الله بيعنا 2000 كيلومتر سواحل لناس بيبنوا على 70% من الأرض علي الأقل, ويبقي الفندق أو القرية 700 غرفة، والشاطئ 300 متر! ودي مصيبة تانية نتكلم عنها في يوم من أوله, واهتميت بفكرة القرية السياحية المغلقة إللي بتهدف لشفط جيب الزبون علشان ما يطلعش ياخد حاجة ف كافيه أو يشتري إيشارب أو كارت بوستال من بازار.
إحنا بس بنتكلم عن السياحة الشاطئية.. وعن ركنين بس من الصناعة..
نكمل في حلقة تانية منعا للجور على باقي الكوكبة الرائعة من كتاب زائد 18.