رنا علام تكتب: عنف دولتنا الجميلة

أصدرت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان تقريرا باسم \”خنق المجتمع المدني المصري: تصعيد في العنف الجنسي الذي ترتكبه قوات الأمن في عهد السيسي\”. التقرير يؤكد أنه منذ تولي الجيش للسلطة في 2013 \”أصبح العنف الجنسي يستهدف كل من تقبض عليهم قوات الأمن، بشكل عشوائي، وبغض النظر عن سياق إحتجازهم أو القبض عليهم.. \”أى حد إتقبض عليه في أي  مكان ولأي سبب\”. التقرير يحوي قصصا عن تحرش جسدي بالطالبات أثناء التفتيش لدخول جامعاتهم ولنساء في كمائن الشرطة، لكن دي حاجات بسيطة بالنسبة للإعتداءات الجنسية العنيفة في مراكز وأقسام الشرطة والأمن والسجون.

الحقيقة لا أنصح أحدا قلبه ضعيف إنه يقرأ شهادات الضحايا.. صعب قراءة سرد للتعذيب الجنسي، لأنه بيخلى الواحد لا يطيق نفسه ولا حياته ولا العيشة واللي عايشينها.

صعب تقرأ مثلا قصة شاب كهربوه في أعضائه التناسلية أو شابة اغتصبوها بـ \”أدوات\” أو طفل هتك عرضه سيادة الأمين، أو مثلا اغتصاب أمين شرطة لسيدة معاقة وتصويرها فيديو!

وكل هذا العنف يحدث داخل أماكن الإعتقال وأقسام الشرطة والسجون.. تقول الفيدرالية إن \”أعمال العنف الجنسي المرتكبة من قبل قوات الأمن في مصر، زادت بعد تولى الجيش الحكم.. في حين كان العنف الجنسي منذ فترة طويلة من سمات عنف الدولة، فهو الآن يسهتدف بشكل عشوائي أي ممن تقبض عليهم قوات الأمن\”.. بشكل عشوائى!

مضبوط إن العنف الجنسي من سمات عنف دولتنا الجميلة.. من ينسى الأربعاء الأسود في 2005؟! من ينسى قوات الأمن وهي تفسح الطريق للبلطجية من الرجال والنساء ليعتدوا على مجموعة من المتظاهرين ضد تعديلات دستورية أعلنها نظام مبارك الأسود.. بالمناسبة المظاهرة كانت على سلالم نقابة الصحفيين.. من منكم يعرف شكل تظاهرات منتصف التسعينيات وأوائل الألفينات، يعرف بالتأكيد أنه من المستحيل دخول \”عناصر\” من وسط قوات الأمن المحيطة بالمظاهرة.. مظاهرة فيها حوالي مائة شخص، يحوطهم آلاف المجندين من قوات الأمن.

واستمر العنف الجنسي من الدولة ضد معارضيها، حتى وصلنا لأعداد مرعبة. رصدت منظمة هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية أكثر من 500 حالة اعتداء جنسي في مظاهرات ما بين 2012 و 2014، وكل الشهادات تؤكد تورط الدولة والقائمين على الأمن والأمان فيها، إما بنفسهم أو بالسكوت والفرجة من بعيد.

التقرير بيقول: \”الشهادات التي تم جمعها من قبل الفيدرالية الدولية تشير إلى أن العنف الجنسي يستخدم بعلم وتواطؤ من أعوان وزارة الداخلية والقوات المسلحة، دون إجراءات للتصدي لهذا العنف أو لمنعه.. يعتمد على مشاركة وتنسيق الشرطة والأمن المركزي ومباحث الأمن الوطني والمخابرات الحربية\”.

لكن بالطبع وكما يقولون دائما إن منظمات الحقوق المصرية خونة وعملاء والمنظمات الأجنبية تتبع سياسات دولها التي تسعى لهدم الدولة المصرية، وبالتأكيد الفيدرالية الدولية التي هي شبكة مكونة من 164 دولة حول العالم كمان هدفها تشويه سمعة مصر وهدم الدولة، لأن كما قال سيادة الجنرال \”مصر مستهدفة\”.

والهجوم الإعلامي على منظمات الحقوق وتشويه سمعتها بأقاويل غاية في السخف عن العمالة وخلافه.. طبعا كان مختفي أيام كان رصد الإنتهاكات في وقت رئاسة مرسي.. وقتها كانت المنظمات الحقوقية غاية في النزاهة والحيادية، لكن بقدرة قادر تحولوا لخونة وإرهابيين وداعمين للإخوان في عهد السيسي!

ما علينا لأن أولا وأخيرا مؤيدي النظام في رحلة بحث دائم عن مبررات للقتل والإعدام والحبس والقبض العشوائي والأحكام المسيسة غير العادلة، والتي لا تمت للقانون بصلة من قريب أو من بعيد، وللأسف عايشين نعيم الحلم أنهم في معزل عن الكوارث.. خايفين من \”إرهابيين\” بيسمعوا عنهم في التليفزيون، ومش خايفين من \”القبض العشوائي\” في شارع بيتهم.. منطق عجيب أو يمكن ميكانيزمات الدفاع النفسي شغالة لأقصى درجاتها، تجعلهم يتخيلون أنهم في أمان.

فى التقرير قصة طالب مسيحي (يعني مش إخواني) كان يتظاهر ضد قمع الجيش، تعرض للاغتصاب أكثر من مرة في مراكز الشرطة، بيقول: \”سألني الضابط عدة أسئلة، لكن لم تعجبه إجاباتى.. طلب من رجل شرطة متواضع الرتبة أن يضع إصبعه الأوسط في مؤخرتى، وفعل هذا مرتين\”.

المؤيد يعتقد أنه في أمان لأنه ليس إخوانيا، ويعتقد كمان أن الإخوان فقط هم من يتعرضون للفظاعات.. أحب أقول لحضرتك: فكر كويس في اعتقادك وأمانك، لأن الموضوع عشوائي يأتي مع القبض العشوائي في الدولة العشوائية!

وبالمرة يا أيها المؤيد، بما أنك احتمال تشغل مخك.. فكر في نقطتين.. أولهم إن الزمن دوار يا افندم، زي ما كان زمن مبارك من كام سنة، وكان زمن مرسي من سنتين، لا يعلم إلا الله زمن من غدا. وإذا مرت الانتهاكات مرور الكرام (أو شفت غليل حضرتك وهدأت من دمويتك) افتكر إن ممكن يكون الدور عليك بكرة.

النقطة الثانية، إن لو الناس سكتت على إنتهاكات في حق من يختلف معهم.. تذهب سيادة القانون في داهية، وبدون سيادة القانون يختفي الأمان إلا في عقول الأغبياء.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top