هل شعرت يوما بالرفض بسبب لون بشرتك؟ إذا كانت إجابتك بالإيجاب، فدعني أحييك على تمسكك ببعض من قواك النفسية حتى تلك اللحظة، أما إذا كانت إجابتك بالنفي، فلتأخذ نفسا مطولا قبل أن آخذك في جولة من جولاتي اليومية.
حسنا.. يبدأ اليوم بالتفاف مجموعة من أطفال الشارع حولك ومعايرتك بلون بشرتك الداكنة، وأنت في طريقك إلى الجامعة، ومن ثم \”يزفونك\” إلى أن تركب الحافلة أو المترو وتختفي عن أنظارهم.
فور ركوبك يا عزيزي، لا أنصحك بأن تتنفس الصعداء أو حتى أن تبدي أي حركة، فهناك أعين كثيرة مسلطة نحوك، ليست نظرات عابرة والسلام، ربما تتساءل عما يدور خلف تلك النظرات من أقوال، سيقول أحدهم: \”الأفارقة دول كمان ملوا البلد.. هي ناقصة!\” أو يعتقد البعض الآخر أنك مش محترم \”بتاع دعارة\” لا سمح الله، لكونك أسمر!
لا أدري ما علاقة هذا بلون بشرتك؟!
عند وصولك للجامعة.. إياك ثم إياك أن تعتقد بأنك قد نجوت ووصلت لبر الأمان، فهناك زفة أخرى في انتظارك، لكن هذه المرة من طلاب \”متعلمين\”! سيوجهون إليك الأسئلة تلو الأخرى، دون أن يدعوا لك مجالا للإجابة.. أسئلة كـ \”أصلك من فين؟! بتتكلمو إزاي؟! جاي من الصومال؟! أسوان في السودان؟!\”، أو أسئلة وجودية لا إجابة لها من نوعية: \”طيب أنتوا سمر كده ليه؟\”
بعد كل تلك الموجات اللاذعة.. إن كنت تفكر بأن \”تبل ريقك\” وتشتري بعضا من المرطبات من إحدى المحلات، فاعلم أنك قد ارتكبت غلطة، لأنك ببساطة، لن تبل ريقك، بل ستفقع مرارتك، فستجد صاحب المحل يقابلك بجملة: \”سمرة بس حلوة والله\”!
عزيزي القاريء.. إن كنت ممن يتفوهون بتلك الحماقات.. اعلم أن جملة كهذه وما على شاكلتها من جمل، لا تجّمل الوضع، بل تزيده سوء، أكثر مما هو عليه.
صراحة.. لا ادري من ذا الذي ابتدع قانونا ينص على أن كل السمر وحشين، والحلوين منهم قاعدة شاذة؟!
لم ينته اليوم بعد، فعند عودتك للمنزل لأخذ قسط من الراحة، وإلقاء كل تلك الأثقال من على كاهلك، ستجد جارتك \”الحشرية\”، تنتظرك لتملي عليك سخافاتها، وتخبرك بأن لا ترتدي الألوان \”المزهزهة\” أو \”الفاقعة\” لأنك بكل بساطة \”أسود\”، وتلك الألوان لا تليق عليك البتة، وكأنهم لم يكتفوا بالسخرية منك، بل ويظنون أن لهم الحق أيضا في اختيار ألوان ملابسك، كي لا تؤذي سلامة نظرهم!
وإن كنت فتاة مثلي، فستجدين تلك \”الحشرية\” تنصحك بوضع كريمات تفتيح، لأن بشرتك السمراء لن تستجلب لك العرسان، وإنما ستجلب لك العنوسة!
حسنا حسنا، فلتوقف كل تلك المسخرة، ولتفتح التلفاز وتستمتع بمشاهدة اﻷفلام، لكنك للأسف ستجد فيها أن أصحاب البشرة الداكنة أو ذوي الأجساد الممتلئة هم النموذج الأمثل للتريقة والسف.. الناس عاوزين كده.. الناس عاوزين يضحكوا!
إن كنت يا عزيزي تعاني من النبذ، أو الرفض بسبب لونك أو مظهرك الخارجي، فدعني اخبرك أنه ليس ثمة طريقة لمواجهة الأمر، لا الهروب ولا الانعزل والحزن سيفيدك بشيء، ولا حتى محاولتك لتغيير طبيعتك، ليس هناك إلا طريقة واحدة لا غير، وهي أن تتقبل نفسك، حتى يقبلك اﻵخرون.