رحاب منيعم تكتب: قاعة المؤامرات الكبرى

 

مشهد..1.. قاعة المؤامرات

يبدأ المشهد من داخل  قاعة كبيرة تقطعها من منتصفها تماما منضدة  اجتماعات ممتدة بلا نهاية، تقترب الكاميرا أكثر لتتفحص وجوه الحاضرين، والذين جلسوا على مقاعد كبيرة تليق بزعماء المافيا، كما صورتهم لنا الأفلام الأمريكية.. يتصاعد الدخان من مكان خفي، ولا اعلم لماذا الدخان! ولكن المؤامرات يجب أن يصاحبها دخان كثيف، هكذا علمتنا السينما، وصناع الفيلم لن يسمحوا لفيلمهم أن يقل حرفية عن تلك الأفلام الرديئة.

من الواضح أنه اجتماع يضم \”أهل الشر\” من شتى بقاع العالم، وأنهم اجتمعوا هنا ليناقشوا مخططهم الأبدي والمستمر منذ فجر التاريخ، وحتى أبد الآبدين، والذين تفرغوا له جيلا بعد جيل، والذي كُتب بخط أحمر عريض على أجندات الحضور.. التخطيط لتدمير مصر!

متآمر 1: إيه الأخبار.. مخطط الأسبوع اللي فات اتنفذ كله؟

متآمر 2: أيوة يا شريك.. إحنا ولعنا حرايق، ووقعنا طيارات، ولعبنا بالدولار، وطلقنا آمال من عبد العال.

متآمر 1: بس كده؟!

متآمر 2 : لا يا شريك.. إحنا طلعنا كام إشاعة ،وسيطرنا على عقول كام مسؤول، عشان يطلعوا بتصريحات من اللي بتحرق الدم.

متآمر 3 مقاطعاً: ومتنساش اهم حاجة يا متآمر 2.. إحنا سيطرنا على عقول كل الصحفيين والإعلاميين، عشان ينتقدوا ويعارضوا، بس للأسف مقدرناش على سوبر موسى.. الراجل ده وطني أوي يا كبير.

متآمر 1: لأ.. كله إلا سوبر موسى.. ده اللي كاشفنا وفاضحنا، لازم تشوفوا له حل الاجتماع الجاي.

كااااااااااااات.. صرخ المخرج الشاب منفعلا.. إيه الكلام الفارغ ده.. إنتوا متخيلين إن الآداء ده ممكن نقنع بيه ولد في ابتدائي.. إنتوا أكيد بتهزروا.. عايزين تقنعوا الناس إن الكون كله سايب اللي وراه واللي قدامه، وبيتآمر علينا.. العالم سايب مشاكله وبلاويه وقاعد يخطط لينا.. حرايق.. طيارات.. حوادث.. أزمات.. إنتوا ناقص تقولوا إن المطبات في الشارع، مؤامرة.. نظام الثانوية العامة، مؤامرة.. خناقتك مع جارك، مؤامرة.. خناقتك مع مراتك، مؤامرة.. أنا لا يمكن اشارك في الفيلم ده.

انهى المخرج الشاب جملته الأخيرة، وهو يسارع للخروج من باب الاستوديو، حتى اصطدم بجسد منتج الفيلم، والذي قطع عليه طريق الخروج بنظرة حادة وكلمة واحدة، أعادته مرة أخرى لإخراج الفيلم العبقري: \”انا عملت المشهد ده 50 مرة، ومفيش مرة اتهرش، ولا حد اعترض، والجمهور بيصقف، لحد ما بيتشقلب بالكرسي\” .

عاد المخرج الشاب إلى مقعده يجر أقدامه وأفكاره، وبصوت يخلو من الحماس والحياة: \”كلاكيت تاني مرة \”، واضاف متمتما.. و\”كل مرة\”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top