رامي يحيى يكتب: بحكم المحكمة.. داعش هم الوجه الحقيقي للإسلام

ما يواجهه إسلام البحيري من الحكم بالسجن خمس سنوات، ووقف برنامجه \”مع إسلام البحيري\”، هو معركة جديدة يخوضها الأزهر -كممثل للأصولية الإسلامية- دفاعا عن المصادر التراثية للأفكار المتطرفة والمتخلفة والعبثية، معركة يتحالف فيها مع السلفيين لنصرة القواعد الفقهية التي ينطلق منها أئمة الدواعش، معركة ضد أي رؤية حداثية عقلانية إنسانية للإسلام.. والتمسك بكل ما هو دموي ومتخلف ولا إنساني وخزعبلي.

نتفق أو نختلف حول ما يقدمه البحيري في برنامجه، نتفق أو نختلف مع أسلوبه، لكن ما لا شك فيه هو أن لا وحي إلا القرآن.. ولا بشري معصوم من الخطأ، لذا فإن تحويل عشرات الكُتاب ومئات الكتب وآلاف الأحاديث إلى مقدسات لا يجوز مجرد مناقشتها، هو درب من التخلف.

لا مجال لرفع البحيري لمصاف علامات التنوير في التاريخ أمثال ابن رشد وغيره من عمالقة العصور القديمة، أو د. نصر أبو زيد، أو د. فرج فودة وغيرهما من علامات التنوير في العصر الحديث، الذين حاربهم الأزهر في وقتهم، فهو لا يتجاوز كونه باحث في بداية طريقه المحكوم تاريخيا بالفشل، لكن بطبيعة الحال، أضع الأزهر في مصاف خفافيش الظلام الذين أحرقوا كتب ابن رشد وصلبوا الحلاج وقتلوا فرج فودة، فالأزهر يخوض الآن معركة للدفاع عن قدسية ضربها مرتزقة الكهنوت عبر تاريخ الإسلام على عدد من الكتب التي تحوي أفكارا وآراء لا يقبلها عقل ولا منطق.

يدافع الأزهر باستماتة عن عدم مراجعة أي من آراء الأئمة الأربعة، الشافعي ومالك وأبو حنيفة وابن حنبل، وكأنهم أنبياء يوحى إليهم، وكأن ما كتبوه هو قرآن منزل من السماء، ويحركون من ورائهم العامة الذين يثقون في الأزهر بحكم قدمه، ولا يعرفون ما تحتوي هذه الكتب، ولا ما هي كتابات هؤلاء الأئمة.

فهل تعرف عزيزي القاريء أن الشافعي أفتى بشرعية زواج الرجل من ابنته غير الشرعية؟ بمعنى أنه إذا زنا رجل بامرأة ونتج عن هذه الواقعة جنين وكان أنثى.. يحق للرجل هذا أن يتزوج من هذه الفتاة!

وأن أبو حنيفة أفتى بجواز أن ينكح الرجل أمه، شرط أن يلف قطعة من القماش على عضوه الذكري! والكثير والكثير من الفتاوى العبثية التي يمكن البحث عنها تحت عنوان \”النكاح بشبهة\”، وقد أسهب هؤلاء الأئمة الأربعة في الحديث عن عدد من احتمالات العلاقات الجنسية لا يخطر على بال إنسان طبيعي، كمارسة الجنس مع الأطفال والموتى والطيور والبهائم و.. و.. و..،ووضعوا لكل حالة أحكام وضوابط شديدة العبثية، فنجد إنهم اختلفوا مثلًا حول حكم الرجل الذي يمارس الجنس مع بهيمة.. كما اختلفوا على كيفية التعامل مع البهيمة نفسها!

كل ما مضى من خزعبلات وأكثر هو ضمن كتب الأئمة الأربعة التي يدافع عنها الأزهر باستماتة، ويريد محاكمة وتكفير ومنع كل من يهاجمها أو ينادي بإعادة النظر فيها لرؤية ما يصلح لهذا الزمان وما عفا عليه الزمن.
وما سبق ذكره ليس أسوء ما في الأمر، إنما الأسوء هي آراء وفتاوى وأحاديث يمكن أستخدام أحكامها في تفاصيل الحياة اليومية، ويستغلها ويعمل على نشرها أنصار التيارات الدينية المتشددة بداية من الإخوان المسلمين وصولا لتنظيم الدولة الإسلامية مرورا بالقاعدة وبوكو حرام والجماعة الإسلامية والتكفير والهجرة.. و.. و.. إلى آخر الجماعات الدينية المتشددة التي خرجت من رحم هذه الكتب التي يدافع عنها الأزهر ويصفها بأنها صحيح الدين والمخالف لها كافر.

نجد مثلا في صحيح أحمد، حديثا منسوبا للنبي يقول نصا: \”لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم لأضيقه\”، وهو الحديث الذي يدعوا مُصدقيه من مشايخ السلفية صراحة للعمل على إذلال غير المسلمين والتعامل معهم بتعالي وعدم مساواتهم بالمسلمين، فبطبيعة الحال يخرج لنا أجيال لا تؤمن بحقوق المواطنة، بل يرونها مخالفة لأوامر النبي، وبالتالي فهي حرام.

هذا غير رواية \”جئتكم بالذبح\” المذكورة عند البخاري، والتي إنطلاقا منها نشاهد مرتزقة تنظيم الدولة الإسلامية يذبحون ضحاياهم، والعديد من الروايات التي تنسب للنبي قتل كل من أساء له أو عارضه.. والتمثيل بجثث بعضهم، كما في حالة عصماء بن مروان وأبو عفك وكعب الأشراف.
حوادث يبني عليها الأب الروحي للتطرف الإسلامي ابن تيمية أحد أعنف كتبه وأكثرها دموية \”الصارم المسلول على شاتم الرسول\”.

أعتدنا أن يتم رفض الكثير من معاهدات ومواثيق حقوق الإنسان بدعوى مخالفتها تعاليم الدين الإسلامي، ثم نسمع بعدها نفس من هاجموا هذه المعاهدة أو تلك، يتحدثون عن حقوق الإنسان في الإسلام، والآن نراهم يقاتلون في معركة جديدة دفاعا عن كل ما هو دموي ومتخلف وغير إنساني، ووضعه موضع الوحي المنزل غير القابل للنقد أو حتى النقاش، فأي عبث نعيش؟!

يتحالف الأزهر مع السلفيين لقيادة عوام المسلمين لرفض أي تصور إنساني للإسلام، فهذه المعركة باختصار وبعيدا عن أي معضلات فقهية وتاريخية معركة إسلامية- إسلامية، فريق عريض وعتيق بقيادة الأزهر يراه دين دموي ومتخلف، وفريق يراه دين سلام ورحمة.
فريق تنويري يقول إن الإسلام ضمن حرية العقيدة حيث قال القرآن: \”من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر\”، لكن الأزهر يعترض على هذه الرؤية ويصر على إبطال العمل بالآية لصالح حديث: \”من بدل دينه فاقتلوه\” ولصالح آية السيف التي يدعون أنها أبطلت عشرات الآيات، يُصر على تكفير من يقول إن النبي لم يتزوج عائشة وهي طفلة، يصر على تكفير من يقول إن النبي لم يقتل مخالفيه ويمثل بجثثهم، يصر على تكفير من يقول إن الإسلام يحترم أصحاب الديانات الأخرى، يصر على تكفير من يقول إن الإسلام يحترم المرأة، يصر على تكفير كل من يرى أن الإسلام غير مرتبط بالعصور الوسطى، وإنما قادر على مواكبة كل العصور.

لذا فمن يعترض على القول بإن الإسلام دين دموي وعنصري ومتخلف وضد الإنسانية؛ عليه أن يوجه اعتراضه هذا للقائمين على الإسلام والمتحدثين باسمه وعلى رأسهم الأزهر؛ عليه أن يهاجم القضاء المصري، الذي يدين من يرى الإسلام دين سلام وعقل وإخاء بتهمة إزدراء الأديان، لا أن يعترض على من يهاجم الإسلام.. لإنه سيقدم بجوار حكم المحكمة آلاف الروايات والفتاوى والأحاديث من النوعية المشار لها هنا، النوعية التي يدافع عنها الآن الأزهر بكل طاقته.. ويستخدمها تنظيم الدولة الإسلامية \”داعش\” وكل التنظيمات المتطرفة لتوفير غطاء شرعي لجرائمها البشعة، مثل مذبحة جامعة \”غارسيا\” الكينية، والتي راح ضحيتها حوالي 150 طالب كل جريمتهم أنهم مسيحيون فوقعوا تحت طائلة رؤية الكتب الصفراء التي يتبناها الأزهر نظريا وتبنتها حركة الشباب الإسلامية الصومالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top