\”مرة واحد فافي وواحد رخم محكوم عليهم بالإعدام، وهيتنفذ فيهم الحكم في نفس اليوم، بيسألوا الفافي نفسك في إيه قبل ما تموت، قالهم: عايز أشوف مامي، سألوا الرخم وأنت نفسك في إيه قبل ما تموت.، فقال لهم: الواد ده مايشوفش أمه.\”
سمعت النكتة دي تقريبا في أواخر التمنينيات أو أوائل التسعينيات، ولحد النهارده بتضحكني، بس مع الوقت بقت بالنسبة لي مش مجرد نكتة هتفقد رونقها مع الوقت ويتقال عليها \”قديمة\”، وده بفضل الإنسان المحافظ، الرجعي، فالنكتة دي بصراحة تنطبق على الشخصية دي تماما، والإنسان المحافظ في النكتة دي طبعا واضح إنه بيلعب دور الرخم، فهو ده أدق توصيف لقيته، فالإنسان المحافظ هو شخص مستعد يضحي بآخر أمنية له في الحياة مش لإسعاد نفسه وإنما للبواخة على الآخرين، بل ممكن يدفع تمن ده حياته نفسها، والتاريخ مليان بمعارك ضارية كلفت المال والوقت والدم بهدف منع مجموعة من البشر من الحياة كما تريد.
فمثلًا في معركة الحقوق السياسية للمرأة، مش محتاجين قصص تاريخية طويلة، فدلوقتي وفي نفس الزمن اللي بتقود فيه العديد من النساء مؤسسات ضخمة ودول كبرى، زي مثلًا أنجيلا ميركيل اللي بتقود واحدة من أكبر وأهم دول العالم، فيه دول تانية لسه المحافظين فيها بينظروا لعدم قدرة المرأة على الاختيار الصحيح، وبيكفروا أي حد يقول غير كده، وشغلهم الشاغل هو منع المرأة من مجرد التصويت، طبعا كل محافظ له الحق في انتخاب اللي هو عايزه ومفيش حد يقدر يجبره على انتخاب حد، لكنهم يقاتلون لمنع النساء من الحصول على نفس الحق.. تدور معارك سياسية وقانونية ومظاهرات وتهديدات بالقتل، واغتيالات، ولو سألنا أي شخص محافظ أنت بتبذل المجهود ده كله في سبيل إيه؟ هتكون إجابته: الستات دول مايروحوش ينتخبوا.
المعارك الأكثر دموية في تاريخ المحافظين الأمريكان كانت معاركهم ضد الحقوق المدنية للسود، أراد السود أن يشاركوا في الانتخابات ويحصلوا على الوظائف ويركبوا المواصلات العامة زي الناس، لكن المحافظين حاربوهم ووصل الأمر للقتل والتعذيب وكل أشكال العنف المادي والمعنوي، وراح ضحيتها أعداد كبيرة من البشر نعرف منهم مارتن لوثر كينج، ولو سألنا أي محافظ منهم أنت بتبذل كل المجهود ده عشان نفسك في إيه، هيكون رده أن السود دول ما ياخدوش حقوقهم.
دلوقتي مثلا الدنيا ظاطت اليومين اللي فاتوا بسبب إقرار الولايات المتحدة لحق المثليين جنسيا في الزواج، وسبب الهيصة هو إن عددا من المصريين والعرب شاركوا المثليين احتفالهم عن طريق تلوين صورهم بألوان قوس قزح، فطبعا المحافظين المصريين والعرب ماخلصهمش، إزاي ناس في حتة تانية من الكوكب تبقى حرة في جسمها؟ وشافوا إن ده طبعا مايصحش أبدا، أنا عن نفسي خضت عشرات النقاشات العقيمة مع مئات من المحافظين، اجتمعوا كلهم على الخلط بين الديني والعلمي، ده مبدئيا كده، وعلى عدم معرفتهم بأي شيء عن تصنيف الأمراض النفسية الخاصة بالسلوك الجنسي، وطبعا جهل مطبق بالتاريخ النضالي للمثليين جنسيا ولضحايا تسلط التيار المحافظ على أوروبا والولايات المتحدة لقرون طويلة، وطبعا من الترف الإشارة لكون المرجعية التاريخية الوحيدة عندهم للمثلية الجنسية هي من الكتب المقدسة، \”قوم لوط\” عند المسلمين، \”سادوم وعامورة\” عند المسيحيين، وطبعا كلهم مش بيتكلموا إلا عن العلاقة بين رجلين، والأهم هو إجماعهم على عدم أحقية هذا الشخص المفترض في استخدام جسمه بالطريقة اللي يحبها.. وإنه لازم يستخدمه بالطريقة اللي همة بيحبوها.
ذهب البعض أن المثليين لعنة، والبعض إنهم بلاء، وأكد البعض إنهم لازم يموتوا، وطبعا المحافظين بتوعنا مش أول ما يواجه المثليين في العالم، شوفوا مثلا حياة \”هارفي ميلك\”، ومعاناته لغاية ما تم اغتياله، وطبعا لو سألت أي واحد من اللي حاربوه أنت ليه بتبذل كل المجهود ده، وليه ممكن تقتل واحد فيتقبض عليك واحتمال تتعدم، هيكون رده إن كل شيء يهون في سبيل إن الراجل ده مايعملش سكس زي ما بيحب.
عزيزي المحافظ.. حركة التاريخ اثبتت أن كل مجهودك هيروح هباء.. مش بس كده كمان ماحدش هيفتكرك، وإنما هيفتكروا الناس اللي أنت حاربتهم وبوصفهم أبطال، ولو حصل وافتكروك هيكون بوصفك شخص بضان، ومهما طول الزمن أو قصر أنت هتموت وكل واحد في الدنيا هيشوف أمه.