الجريمة هي أحد أهم تجليات الشر في العالم، ومن أعنف الجرائم وأكثرها وحشية.. القتل، وفي رأيي أن أكتر جرائم القتل وحشية هي اللي بتقوم على أساس عنصري، لأن القاتل بيجمع بين جريمتين يستحق على كل منهما الطرد من الكوكب أساسا.. العنصرية والقتل.
أكتر جرائم القتل العنصري انتشارا في عصرنا، هي النابعة من عنصرية دينية، يليها العنصرية العرقية، وهنتكلم هنا عن الجرائم اللي أنطلق أوغادها لتنفيذها مرتكزين على العنصرية دينية.
لا يخلو مجتمع من العنصرية البغيضة، لكن طبعا، الوضع بيتفاوت من مجتمع لأخوه المجتمع.. يعني مثلا سنة 2009 كانت المصرية مروة الشربيني، قتيلة في مدينة دريسدن الألمانية، على يد متطرف ألماني، بسبب أنها كانت لابسة الحجاب.
انتفض المجتمع الألماني، فجاء الرأي الرسمي لألمانيا على لسان وزير خارجيتها \”لا مكان لمعادة الأجانب في ألمانيا\”، مش كده وبس.. كمان المتحدث الرسمي باسم الحكومة الألمانية، أكد رفض بلاده للجريمة، ورفضها كمان لمجرد التوجس من الإسلام، وتوعد بأن الجريمة هتنال أعلى درجات الإدانة، كمان اتحركت المفوضة الحكومية لشئوون الأجانب وتقدمت بالتعازي لزوج الفقيدة، وكان مصابا في المستشفى.
أما الإعلام الألماني، المستقل فعليا، فأدان الجريمة، ويادوب اختلفوا.. هل هي جريمة بشعة ولا جريمة نكراء؟ وياترى هي سُبة في جبين المجتمع الأوروبي ولا النظام الديمقراطي كفكرة؟ ومن بريد القراء صدر موقع DW رسالة لأحد القراء عنوانها: \”قاتل مروة الشربيني لا يمثل الشعب الألماني\”.
في النهاية كان دور القضاء الألماني، اللي في نفس ذات سنة الجريمة، سفخ المجرم حُكما بالسجن مدى الحياة، وهي أشد عقوبة حداهم.
النموذج التاني: جريمة حصلت في المجتمع الأمريكي من كام يوم.. ملحد متطرف هجم على منزل أسرة مسلمة وقتل التلاتة اللي قابلهم في البيت، أختين وزوج واحدة فيهم.
وصف موقعCNN الحادث في عنوان الخبر، بجريمة الكراهية، والشرطة قبضت على المتهم، وبيتم تجهيز القضية للمحكمة، وحسب الموقع نفسه، فجهاز الكمبيوتر الخاص بالقاتل تحت تصرف الشرطة، بتفرغه بقى وتخش على الإيميلات والأكونتات والذي منه.
أما رد الفعل المجتمعي، فتصدره موقف أشهر محاضر ومناظر ملحد في العالم، ريتشارد دوكنز، اللي أعلنه على حسابه في موقع \”تويتر\”: \”مقتل المسلمين الثلاثة جريمة بشعة يا بلهاء\”.
أما النموذج التالت: فهو مذبحة \”تشارلي أبدو\” اللى نفذها 2 من المسلمين الفرنسيين المتتطرفين، وراح ضحيتها 12 شخص، وأعلن تنظيم القاعدة، فرع اليمن، مسئوليته عنها في فيديو بصوت حارث الناظري، تحت عنوان \”أفلحت الوجوه\”، وسموا المذبحة \”غزوة باريس المباركة\”.
أو تفجير بمركز التجارة العالمي في 2001، واللي برضه أعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عنه، وراح ضحيته حوالي 3000 قتيل وعدد ضخم من المصابين.
أو تفجيرت مترو لندن اللي نفذها تنظيم القاعدة، وراح ضحيتها 50قتيل وأكتر من 700 مصاب.
أو أي من علميات جماعة بوكو حرام وقتلها الجماعي للمدنيين، وخطف النساء ومعاملتهم معاملة السبايا، وهو نفسه ما يفعله تنظيم الدولة الإسلامية الشهير بـ\”داعش\”.
باختصار هو عدد لا يمكن حصره من جرائم أرتكبها متشددين إسلاميين ضد مسيحيين وأزيديين وملحدين.. ألخ، وحتى ضد بعضهم.. آه والله، في الصراع الدموي بين السنة والشيعة.
لو جينا بقى نقارن بين أول نموذجين من جهة والنموذج التالت من جهة تانية هنشوف إيه؟
هنلاقي أن الجريمتين اللي فوق جرائم فردية من مهاويس متطرفين بيلفظهم مجتمعهم، وبتحاكمهم حكوماتهم، وبيهاجمهم الإعلام والنخب المثقفة في المجتمعات بتاعتهم، وحتى على المستوى الشعبي بيبقوا في خانة المتطرف العنصري عدو المجتمع.
أما النموذج التالت، واللي بيتكون من سلسلة من الجرائم الأكتر عنفا بكتير، هنلاقي أنها مش جرائم فردية، وإنما هناك تنظيمات مسلحة تمتلك تمويلات ضخمة بتتبنى العمليات دي، وسط تهليل وتكبير شعبي لا يمكن التعامي عنه، وأحيانا بيبقى فيه خرس رسمي، زي جرائم بوكو حرام، وكمان أحيانا بيلاقي القاتل دعم إعلامي يبرر له القتل ويدين الضحية، زي أخوهم في الإسلام الإعلامي تامر أمين ورد فعله على مذبحة \”شارلي أبدو\”.
تبقى النماذج التلاتة جرائم بشعة، حركتها عنصرية دينية حقيرة، لكن فيه نموذجين تمت إدانتهم من النسبة الأكبر من أفراد مجتمعها، ونموذج بيلاقي القاتل المتطرف فيه دعما شعبيا لا يستهان به، وبيوصل أحيانا للطناش الرسمي.. والدعم الإعلامي.
وأي باحث يقدر اليومين دول تحديدا يرصد الفرق بين رد الفعل الشعبي الساخط على مقتل الأسرة المسلمة في أمريكا، وبين الطناش اللي حاصل على دبح أكتر من 20 مواطن مصري من فصيلة المسيحيين.. الأمر اللي بسهولة يوضح الفرق بين المجتمعات المتقدمة والمجتمعات التانية.