رامي يحيى يكتب: أنتِ مصاصة.. وأنتَ حشرة

المعركة الوهمية بتاعة مليونية قلع الحجاب، بصراحة مفيدة جدًا، مش عشان موضوع الحجاب نُهائي، إنما لكشف كم العبث والجنون الجهل المُسيطرين على مجتمعنا الخُزعبلي من فوقه لتحته، من عوامه لنخبته، ومن شعبه لسياسييه.. لخبطة وجنون وجهل وغباء وإزدوجية ونسيان و.. و… كوكتيل عجيب ومتداخل لدرجة إني مش عارف هاقدر إزاي اكتب عن كل ده وارصده بشكل واضح وبسيط.

البعض شايف إن الموضوع بدأ بدعوة شريف الشوباشي لمليونية لخلع الحجاب، وفي رأيي الموضوع بدأ قبل كده بشوية، تحديدًا في أبريل سنة 641م، حيث طرد الجيش العربي المسلم الجيش الروماني من مصر.. واحتلها هو بداله، لكن اختلف الاحتلال العربي عن زميله الروماني، وعن أي احتلال عاشته مصر منذ سقوط الدولة الفرعونية حتى طرد أسرة محمد علي وإعلان الجمهورية، كل احتلال جاء لمصر كان يترك حامية عسكرية ويبني بعض القلاع والحصون.. وينصب حاكم بمعرفته يضمن له نقل خيرات مصر إلى عاصمة هذه الإمبراطورية، من غير تدخل في لغة المصريين أو دينهم، باستثناء إضطهاد الرومان للمصريين المسيحيين.

أما الاحتلال العربي فجاء بدين ولغة، وشعب، فكان الغزو العربي واحدا من أوائل نماذج الاستعمار الاستيطاني في تاريخ الناس، وعبر قرون استقر الوضع للعرب وقدروا يغيروا دين ولغة وحتى ديموغرافية البلد، فتحولت الست المصرية من مواطن كامل الأهلية وبيقدر يوصل لكرسي الحكم إلى عورة وناقصة عقل ودين و.. و…، لحد ما وصلت في عصر من العصور إن الست المصرية كان مفروض عليها تلبس برقع وهي خارجة من بيتها.

فضل التقليد ده موجود لحد ما تخلصت الست المصرية من القيد ده، وبقت كل واحدة حرة تلبس برقع ولا لأ، بعد المظاهرة الشهيرة بقيادة صفية زغلول، وبطبيعة الحال تحلل البرقع كفكرة وانتهى لإنه في الأساس كان مفروض بالإكراه.

بعد أكتر من نُص قرن كان الأمريكان بيحاربوا الاتحاد السوفيتي عن طريق تمويل المقاومة الأفغانية، وتشارك في المُعسكر الأمريكي كل من \”الولايات المتحدة، أنجلترا، السعودية، مصر، إسرائيل\”، وتم الاتفاق على الترويج للحرب بوصفها بين المسلمين والملحدين، وظهر مصطلح \”المجاهدين الأفغان\”، وكل حد من السادة المشاركين ساهم باللي يقدر عليه، وكان نصيب مصر إنها تساهم بالمجاهدين والحمير، فأطلق السادات يد الإسلاميين بقيادة جماعة الإخوان لنشر النسخة الوهابية من الإسلام في مصر لتجميع الكوادر المطلوبة، وعلى المستوى الداخلي يتصدوا للمعارضة اليسارية والناصرية، فانتشرت فعلا النسخة الحالية من الإسلام، وكان أحد أبرز أعراضها الجانبية عودة إكراه الست المصرية على لبس بعينه باسم الإسلام.

فالسيد الشوباشي بقى شاف إن دلوقتي لحظة مناسبة للإعادة الفكرة، فبما إننا بنعيد حفر قناة السويس وبنعيد حرب اليمن.. ليه مانعديدش مظاهرة قلع البراقع وتحرير الست المصرية من السطوة الدينية على لبسها، ويمكن ده بسبب دعوة الرئيس السيسي لثورة دينية.. تراجع فورا عنها لما لقى أن الموضوع هيبقى جد.

المهم إن الدعوة انتشرت في البلد أكتر من الحشيش، مش ترحيب بيها لا سمح الله.. إنما انتشرت بفعل الهجوم عليها، ويعود الفضل في انتشارها، بعد ربنا سبحانه وتعالى، للديسك مان بتاع اليوم السابع، ويمكن المحرر.. ما حدش عارف الخير فين، المهم أنه بمنتهى اللامهنية واللاموضوعية تم التلاعب بجملة اعتباطية وغير مسؤلة للشوباشي، وتحويلها من \”99% من عاهرات مصر.. محجبات\”، إلى \”99% من محجبات مصر عاهرات\”، فهاجت الدنيا وماجت، وطبعا اتضح أن لبس الحجاب أو قلعه هو أهم قضايا الوطن في الوقت الراهن.

فذهب عدد من الطليعة الثورية والنخبة المثقفة إلى أن مش من أولويات اللحظة للست المصرية إنها تختار لبسها براحتها، وإنما أولويتها هي خروج المعتقلين من شباب الثورة.. أو حل مشكلة الغاز أو.. أو.. إلخ.

وذهب فريق آخر، من نفس الاتجاه، إلى أن الدعوة لخلع الحجاب زيها زي الدعوة لفرض الشريعة.. آه والله زمبؤلك كده، فيه مثقفين وسياسيين في مصر شايفين إن اللي يتظاهر ضد فرض فكرة عليه.. يتحط في نفس الخانة مع اللي بيتظاهر عشان يفرض فهمه لدينه على بقية الشعب.

طبعا لم تتوقف المليطة الفكرية عند هذا الحد، ده إحنا يادوب بصينا على كلام الناس العاقلين، ما بالك بقى بالمعسكر الرافض لحرية الإنسان في اختيار لبسه.. ده بقى معسكر خيال علمي مُركب.. آه والمصحف.

طبعا الحل الأقرب والأسهل، هو أن المظاهرة دي حرب على الإسلام، وأن كل الداعين والمشاركين والمؤيدين للفكرة كفرة ومنحلين وشغالين في الدعارة وبيتاجروا في النسوان، وطبعا ده عن طريق شتايم وخوض في الأعراض وسب دين، لأن زي ما كلنا عارفين \”كله إلا الإسلام يا ولاد الكلب\”.

فيه بقى معسكر عميق وقلبه على مصلحة البلد، والأهم إنه مدرك للمؤامرات التي -ولامؤاخذة- تُحاك حول الوطن، ودول شايفين أن رفض عدد من الستات المجبرات على لبس الحجاب لاستمرار هذا الجبر؛ هيكون مبرر للمتطرفين إنهم يخربوا البلد والدواعش تهجم من بره وتبقى هيصة، فتتحقق الفوضى الخلاقة بتاعت أمريكا.

طبعا فيه ناس بتقول إن كل الستات اللي لابسين الحجاب في مصر لابسينه بمزاجهم، وإن اللي عايزة تقلع الحجاب ما تقلعه.. فين يعني المشكلة؟ وإن الموضوع مش محتاج لا مظاهرة ولا نيلة، وطبعا دول مالناش دعوة بيهم وبلاش حد يزعجهم خالص، هشششششش.

فيه بقى رأي المسلمين الكيوت، وده الأكتر انتشارًا في كوكب السوشيال ميديا، حيث يكثر الشباب الواعي والثوار الأبرار، وهنا تجلت الإبداعات الشبابية لإظهار مدى أهمية الحجاب.

فانتشرت مثلا صورة فتاة.. النور بيبُك من خلقتها، وبتعيط بشيء من التماسك، ومكتوب عليها أن ده رد فعل فتاة ألمانية بعد حكم المحكمة بحقها في ارتداء الحجاب، ويا للعجب هنا في بلد الأزهر عايزين يعملوا مظاهرة لقلع الحجاب.

وطبعًا الصورة عملت رقم خرافي من الشير واللايكات والتعليقات الإيمانية المعتبرة، بدون ما حد ينتبه لكون القصة بالشكل ده تُدين المجتمعات الإسلامية وتُعلي من شأن المجتمعات العلمانية، ولا حد انتبه أن القصة وهمية أساسًا وغير منطقية.

القصة وهمية لأن بمنتهى البساطة الحجاب مش ممنوع في ألمانيا عشان يحتاج لبسه لحكم محكمة، ونفس الشخصيات المعجبة بنصر الفتاة اللي في الصورة.. هما نفسهم كانوا بيهاجموا ألمانيا بعد مقتل \”مروة الشربيني\” المسلمة \”المحجبة\” على يد متطرف ألماني، أتحكم عليه في نفس سنة الجريمة بالسجن مدى الحياة.

أما لو أفترضنا صحة الرواية، فهنبقى قدام فتاة مسلمة عايشة في دولة علمانية كافرة، وعايزة تلتزم بالحجاب.. فرفعت قضية قدام محكمة يترأسها قضاة كفرة، بيحكموا طبقا لقوانيين كافرة، وترافع عنها محامي -غالبا كافر- فحكمت لها المحكمة بأحقيتها في لبس الحجاب، وبناء على الحكم هيكون من حقها تلبس لبسها الإسلامي وسط المجتمع الكافر وتحميها الشرطة الكافرة.

وبعد كل ده يبقى الموضوع مسار فخر لمجتمع مسلم عنده استعداد يقتل أي حد مختلف معاه مذهبيًا.

أما الصورة الأفشخ على الإطلاق، والأكثر انتشارًا، هي صورة المصاصة.. تقول أسطورة المصاصة إن سربا من النمل/الذباب قابل في طريقه عدد 2 مصاصة.. واحدة مغلفة والتانية مش مغلفة، فتركت الحشرات المصاصة أم غلافة وتجمعت على المصاصة أم من غير غلافة، فأي المصاصتين تريدي أن تكوني يا أختااااااااااااااااااااااااااااه.

الصورة شيرها وأشاد بيها شباب كتير من الجنسين، مما يؤكد أن الغباوة مالهاش جنس، وعدم الفهم مالهوش سن، والبلد دي مالهاش أمل غير سيل من النيازك يفرتكنا كلنا.

آلاف البنات بتشير الصورة وفخورة بتشبيهها بسلعة استهلاكية رخيصة، والأوسخ آلاف الشباب الثوري النقي الرجعي اللي شير الصورة ومش متضايق خالص من إنه بيلعب في المثال ده دور الحشرة.

لووووووووووووووووووووووووووووووووووووولي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top