رائد حسين يكتب: نكاح الحياء

من حقك أن تختلف مع الكاتب، أن تضع الخطوط الحمراء تحت سطور طويلة، أن تقلب الصفحة فتتجاوز ما يزعجك أو أن تمزقها بغل، لقد صارت الرواية ملكك وجزءا من مكتبتك، فإنكحها بطريقتك الخاصة، لكن يا عزيزى المِستحى، إن كان هذا حقك، فمن حقى أن أملأ أوراقى بطريقتى التى أحب، حسب وجهة نظرى التى أرجح.

لم يجتمع الناس يوما على رأى واحد، وكل منا مَلَكَ تجاربه الخاصة التى وضعتهُ فى زواية مختلفة عن الآخرين، يرى منها العالم بطريقة مختلفة عن الآخرين، والرواية هى جزء أصيل من التعبير عن الرأى، إذ تمنح الإنسان حقهُ الربوبى فى صياغة عالم يريدهُ، أو حقه الإنسانى فى تحليل عالم إصطدم به دون اختيار أو سابق إنذار، ومن بين كل الفنون، أنت من يَسعى إلى الرواية كقارئ، لن تفتح التلفاز فتجد الكلمات التى \”تمزع\” حياءك تتقافز إلى أذنيك، بل ستذهب لها بقدميك، تدفع ثمنها نقدا وتقتنيها طواعية، ومن العجيب المدهش أنَّ دولة التدليس والكذب، دولة القتل العمد والإنتهاكات الجنسية والجسدية، هى من تَرعى حياء الدهماء، حاولت وزن الأمر فلم \”ينتصب\” له ميزان، بغض النظر أن الأسماء الشعبية للأعضاء التناسلية تتردد فى الشوارع والبيوت والحارات على مدار اليوم، وأن أى انعكاس صادق للمجتمع فى فن الرواية سيجد نفسه مضطرا للتعامل معها، لكن مَن عرىَّ ست البنات حقيقة، وليس خيالا.. لم يخدش حياء أصحاب الحياء، من قَتل الشباب حقيقة وحرق الجثث حقيقة، وليس وحى خيال عابر، هو من يحمى الحياء! أليس للحياء أهل يستحون لحاله!

وماذا لو كانت دولة القبضة الأمنية ذات \”الخلفية\” الصوفية المجتمعية المحافظة تحترم مواطنيها لدرجة تجعلها تتدخل لسجن من \”فشخ\” حياءهم؟

الحقيقة أنَّ المستهدف فى هذه القضية هى الحرية، حرية أن تقول ما تريد، أو عكس ما يريدهُ الذى لا يستحى من معاناة بلده ودماء شعبه، ولو كانوا يعقلون أو يقرأون لوجدوا فى تاريخ الأسلاف ما هو أشد وأقوى مما انتفضوا من أجله، فهذا العلامة السيوطى الذى كتب فى التفسير والحديث والتاريخ، كتب أيضا فى الجنس بصراحة ووضوح، فأفرد له مؤلفا كاملا يُدعى (نواضر الأيك فى معرفة النيك)، وإن كان البعض قد شكك فى نسبته للسيوطى، الإ أنه جزء من ثقافة الأسلاف باعتباره جزءا من حياة الإنسان، إن لم يكن أهم جزء فى حياة الإنسان، فهو سبب استمرار المعاناة على الكوكب المستحى.

وكتب التراث الإسلامى مليئة بأسماء الأعضاء التناسلية صراحة، بعضها ورد فى شتائم العرب  مثل (امصص بظر اللات) المنسوبة لأبى بكر الصديق، بل إنَّ القرآن الكريم يستخدم كلمة \”نكاح\” للتعبير عن الزواج، وهو مَصدر \”نَكحَ\”، بمعنى جامع.

فبأى سبيل خُدش حياء دولة اللاحياء واللاحياة!

الحقيقة أن دولة القبضة الأمنية ذات \”الخلفية\” الصوفية المجتمعية المحافظة، قد نكحت الحياء.

يُنشر هذا المحتوى في إطار حملة مشتركة بين مواقع  “زائد 18″، و“مدى مصر”، و“قل”،وزحمة“. للتضامن مع الروائي أحمد ناجي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top