رائد حسين يكتب: رسول الشعب.. وشعب الرسول

\”اللى ميرضيش ربنا إحنا معاه، بندَّعمه ونأيده\”

زلة لسان سقط فيها الفريق أول عبدالفتاح السيسى حين أطلَّ لأول مرة على الشّعب المصرى فى خطاب مباشر بعد نجاحه فى سحق المئات فى اعتصامىّ رابعة والنهضة، والغريب العجيب أن الرجل لم يدرك ويستدرك عبارته فيصححها، لتكون \”اللى يرضى ربنا\”، فذكرنا بآية فى القرآن الكريم تقول: (وقالوا لجلودهِم لِما شَهدتُم علينا قالوا أنطَقَنا اللهُ الذى أنطَق كلّ شيء) .

صفقَّ الحضور تصفيقا حادا، فالزعماء لا يُخطئون، وإن فعلوا فلهم وحدهم خُلقت الأعذار.

زلَّةُ الزند التى تسببت فى إقالته من نفس الفصيلة السابقة، فالرجل كان يتحدث بمنطق عمدة الكفر الذى يستطيع أن يسوى الهوايل، فخَرجت جملتهُ المُشينة مهتّزة، لكنه تذكر أنه على الهواء، وعلى عكس السيسى، فإنه امتلك لسانه وتراجع مُستغفرا الله ومُصليا على النبى، فأيهما أحقُّ بالعَزل إن كُنتم صادقين؟

إنَّ من سوء التقدير والتضليل أن نربط بين إقالة الزند وبين زلتهِ التى تم استخدامها لإنفاذ نية مُسبقة، فليس لهذا عُزل الزند، فإنَّ ما صرَّح به سابقا عن تقسيم الشًّعب المصرى إلى أسياد وعبيد يفوق فى فُجره زلة لسان محاها باستغفار مباشر، وأحكام الإعدامات والسجن المعلَّبة التى صَدرت تحت رعايته، تفوق فى الضلال والظُلم ما وقع فيه حين تكلَم بلغة الاجتماعات المُغلقة على الهواء مباشرة.

حديثهُ عن الزحف المُقدس لأبناء القضاة، وتجاهله وهو رجل قضاء يُصلى على الرسول الذى قال (ويلٌ لقاضى الأرض من قاضى السماء) وتخرّج في كلية الشريعة والقانون ،حديثهُ عن قداسة أبناء القضاة أشنع وأبغى من زلة لسان تداركها فى لحظتها، فماذا يا ترى مخبوء فى النفق؟ هل يتخلصُّ الزعيم ممن مَهدّوا؟

لكنَّ الأعجب هو السُخط العارم الذى نتج عن زلّة الزند، والذى فشلت كل الأهوال التى وقعت فى حق المعتقلين أن تُثير ربعه!

فزوال الكعبة أهون عند النبى من قتل رجل مُسلم، وعندما آثر النبى المؤلفة قلوبهم بغنائم حنين، دخل عليه رجلٌ وقال: اعدل يا مُحمد فإنك لم تعدل. حينها لم يعاقبهُ الرسول، فالرجل لا يعلم أنَّ هذهِ الزيادة للمؤلفة قلوبهم بمثابة ترسيخ الولاء للدولة الوليدة فى نفوسهم الجامحة، فقال له الرسول: ويحك! فمن يعدل إن لم أعدل.

وحين دَخلَ أعرابي فقيرٌ على الرسول (ص) فقال له: يا مُحمد أعطينى، فإنك لا تُعطينى مِن مالك ولا مال أبيك.  فشتمهُ الصَحابة وعابوا عليه سوء الأدب مع الرسول، لكنَّ الرسول أخذه  الى بيتهِ وأعطاهُ وقال: \”أرضِيت ؟\” قال: لا.. فمازال يعطيه ويسأله: \”أرضيت ؟\” حتى رضِى، وقال: رضيت.

فقال له الرسول: أخرج الى أصحابى وقل لهم إنّك رَضيت، فإن فى نفسهم عنك شيئا.

وقال الرسول لأصحابه: أتدرون مَا مَثلى ومثَلُ هذا الأعرابى؟ مَثَلُ رجل فى فلاة من الأرض معه زادهُ وناقته، فهربت ناقته فاتَّبعها الناسُ، فما زادوها إلا هرباً، فقال: دعونى فإنى أعلمُ بناقتى منكم، فعمد إلى حشيش فى الأرضِ وجَعل يقول لها: هُوَّى هّوى. حتى رَجعت إليه، فأناخها وحمل عليها زاده، ثم استوى على متنها.

هذا رسولُ الشَّعب، آمن أنه جاء للإنسان، ونحن شَعب الرسول الذى لم يحركه قتل الإنسان، وإنما حركته زلة لسان.

الرسول نظر للإنسانِ كغاية ونحن نظرنا للرسول كغاية، فهل هذا يُعجب الرسول؟

فإن كنتم غاضبين لأجل الرسول، فالرسول قال: لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها.

اغضبوا للإنسان إن أردتم فعلا أن تعتذروا للرسول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top