(1)
\”طب تعا نشوف كده مع بعض\”.. رددها مدرس الفيزياء بشكل موسيقي ينقصه الدخول بالطبلة ولمسة من الرق أكثر من 8 مرات، محاولا جذب انتباهنا المشتت لتلك المادة، باذلا أقصى جهده لتحقيق ما وعد به أباءنا نحن الجالسين حوله على هيئة نصف دائرة، بأن الحصول على الخمسين درجه أمر لا يحتمل النقاش.
استمريت مشتتا كما أنا، لأنني في حقيقة الأمر أكره الفيزياء، وأجد أنها مادة سخيفة، ولولا أن اللعين نيوتن اكتشف الجاذبية، لكنا نذهب الآن إلى مدارسنا طائرين، ويا لها من متعة قصوى!
أخذت ارسم بدقة شديدة سيناريو ساخرا لما قد يحدث لنا في حال اختطاف المدرس وإتخاذه كرهينة إلى أن توافق وزارة التربية على إلغاء مادة الفيزياء تماما من التعليم، فابتسمت.. شعرت أمي على بعد عشرات الكيلو مترات بتلك الابتسامة، فنظرت لي شذرا في خيالي، لأعود سريعا لمتابعة المدرس بنصف عين وعقل ووعي.
(2)
\”اختار الجغرافيا.. مادة سهة والخمس درجات فيها مضمونين.. إياك تنقص نص درجة\”
هكذا قالت أمي عن المستوى الرفيع، والتي ظلت طوال عمرها تبحث عن النص درجة، حتى في امتحانات الماجستير في الطب، حيث كان شعارها في الحياة \”النص درجة راحت فين؟\”
الآن اصبحت المعادلة غاية في السهولة، يجب أن تحصل أيها الفاشل على الخمس درجات دون نقصان، وذلك تحسبا للدرجة ونصف التي ستنقصها في اللغة العربية واللغة الإنجليزية، مضافا إليها درجتين في الفيزياء، ليؤهلك مجموعك في النهاية لدخول طب، وإلا فهو الخراب الذي سيحل على المنطقة بأسرها، وقد تحدث مجاعة وفيضان وحالات إسهال جماعي تكون أنت المسؤول الأول عنها.
(3)
\”بطل تخبى الروايات جوه الكتاب\”
\”بس أنا يا ماما بحب رجل المستحيل وملف المستقبل\”
\”مستقبلك مهبب إن شاء الله وهاتطلع صايع\”
تذكرت وجه أمي الحبيبة، وهي تؤكد لى مرة تلو الأخرى أنني في الطريق إلى الرسوب الحتمي في الثانوية العامة، أو الحصول على 13% على أحسن تقدير، ومن ثم دخول المعهد العالي لغفراء العمارات، لينتهي بي المطاف غفيرا على أبواب أحد العمارات، اتلقى اللعنات صباحا ومساءا من سكان العمارة.
(4)
\”عشت عمري قبل منك يووووووم، وأما جيت لي تاني عشته كله في يوم\”
أغنية رائعة لعمرو دياب.. نجم جيلي، لكنني أجد أنني قادر على تلحينها بشكل أفضل.
\”خليك اقعد اتمرقع كده ومش فاضل غير 40 سنة على الامتحان\”
إنها أمي الحبيبة مرة أخرى.. الآن أؤجل أحلامي الموسيقية، محاولا قدر الإمكان \”التركيز\”، وهي المهارة التي لا أجيدها على الإطلاق.
(5)
– مش هاتنزل العياده النهارده؟
– ها نزل كمان شوية يا ماما.
– بتعمل إيه؟
– باكتب مذكراتي.
– مممم.. طب خليك اقعد اتمرقع كده لحد أما باب التسجيل بتاع الدكتوراه يقفل.
تمت