الآن أصبح الطبيب نائبا عن الأخصائي \”طبيبا مقيما\”، أي أنه في النهاية قد استقر على تخصص ما، ليستطيع أخيرا الإجابة على السؤال الأزلي الذي طالما تحمله طويلا: \”إنت إتخصصت إيه؟\”
تعتبر فترة النيابة من الفترات شديدة الحساسية والخطورة في حياة الطبيب، حيث يعتبر الطبيب المقيم هو خط الدفاع الأول – وأحيانا الأخير – في منظومة الصحة المصرية، فطبيعة عمله تلزمه بالتواجد 24 ساعة متواصلة ثلاثة وأحيانا أربعة أيام في الأسبوع، وتقول الأسطورة: \”من يفشل في التعلم في فترة النيابة، فغالبا لن يتعلم شيئا على الإطلاق\”
الطبيب المقيم هو المسؤول عن كل شئ تقريبا، تنظيم العيادة الخارجية، تغطية الاستقبال، حضور مرور الاستشاري أو الأخصائي على المرضى في العنابر، وفي التخصصات الجراحية، تجهيز الحال قبل الجراحة، توفير أكياس الدم، متابعة الحالة بعد الجراحة، ويضاف إلى ذلك كله, إرضاء الإستشاري والطبيب المقيم الأكبر سنا \”السنيور\” بلغة الأطباء، وبعد أن ينتهي من كل ما سبق، يظل مطالبا بالتعلم أي أنه يحتاج إلى يوم مكون من 120 ساعة، أو شهر يحتوي على ستين يوما.
بقي أن تعرف أن الطبيب يمارس كل ما سبق، نظير ما يقرب من 45 جنيها \”للنوبتجية\” الواحدة، وهو ما يقترب من 180 قرشا عن الساعة، فيما يشبه المعجزة التي لا تتكرر في أي بقعة أخرى من بقاع العالم، كما أن الطبيب هو الموظف الوحيد في مصر الذي يتوجب عليه الحصول على درجة علمية – الماجستير أو الدبلوما – أثناء العمل، ولا يرقى إلى الدرجة الفنية الأعلى دون أن يحصل عليها.
وفي سبيل ذلك يحتاج الطبيب إلى الكثير من السفر والمصاريف السنوية للتسجيل في كليات الطب المصرية، تلك المصاريف التي تضاعفت أكثر من مرة في السنوات الأخيرة دون أدنى مراعاة لمتوسط دخل الطبيب المقيم الشهري.
وفي المرة القادمة، سنتحدث عن نظام السخرة في الجامعات المصرية والمسمى مجازا \”الماجستير\”.
يتبع