تعودنا منذ فترة على أن يخصص شهر رمضان لجمع التبرعات إستغلالا لروح الكرم والخير التى تغلف الشهر الكريم عادة في مثل هذا الوقت من كل عام، ففي غياب دور الحكومة أو تقصيرها في أحسن الأحوال أصبح المواطن العادي الآن مطالبا بالتبرع لكل شئ تقريبا.. بناء المدارس والمستشفيات، علاج مرضى القلب والسرطان، تأسيس البنية التحتية لقرى الصعيد.. فما هو دور الحكومات المتتاليه إذا؟
لا أحد بالطبع يستطيع إنكار دور تلك الجمعيات الخيرية في الحفاظ ولو بشكل بسيط على التوازن الاجتماعي اللازم لاستمرار الحياة على هذه الأرض.
لكننا لاحظنا جميعا في الفترة الأخيرة دخول منافس إعلانى آخر بقوة على الخريطة الإعلانية الرمضانية، وهي إعلانات المناطق السكنية الفاخرة التى انتشرت بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة.
\”تعالى عندنا\”.. فنحن نمتلك الأمن والرفاهية والمدارس والمستشفيات اللازمة حتى تعيش أنت وأولادك في عالم موازى مختلف تماما عن ذلك العالم العشوائي البدائي المهمل الذي نعيش فيه الآن.
ومع ظهور ذلك العالم الموازي الراقي والمخصص فقط لأصحاب السلطة أو المال، ستقل تدريجيا الأصوات المطالبة بالإصلاح، وسيزداد إهمال الحكومة للبنية التحتية الأساسية المهملة أصلا.
حيث لن يهتم أحد وقتها سوى بتوفير متطلبات تلك المدينة المميزة الفارهة التي تحتضن النخبة فقط وأولادهم، تاركة عامة الشعب يتصارعون على الفتات خلف أسوارها العالية فيما يشبه روايه \”يوتيوبيا\” للدكتور أحمد خالد توفيق!
ففي غياب العدالة الاجتماعية الحقيقية، سيزداد الفقراء فقرا والأغنياء مالا، حتى نصل إلى الكتلة الحرجة المخيفة التي ستؤجج لثورة الجياع الذين سيتقافزون على الأسوار العالية محاولين تحقيق العدالة الاجتماعيه بأنفسهم، لكن بالقوة.