د. نبيل القط يكتب: التحرش الجنسي من منظور الآخر المتحرش

في جلسة خاصة جدا، دعت إليها مجموعة \”بنات مصر خط أحمر\”، في شهر مايو ٢٠١٣.. اجتمعت مع مجموعة من المتحرشين الجنسيين، وقمت بإدارة الاجتماع معهم.. بعض المتحرشين كان مازال يمارس التحرش الجنسي، والبعض قال إنه توقف عن التحرش، وذلك تحت تأثير نشاط جماعة \”بنات مصر خط أحمر\”، تكونت المجموعة من طلبة وعمال في ورش تصليح السيارات بوسط البلد.

كان الغرض من الاجتماع أساسا هو التعرف على الخلفيات النفسية للتحرش والمتحرشين، بهدف أبعد، وهو مساعدة \”تأهيل\” المتحرشين للتوقف عن التحرش.

أثناء الجلسة كان المتحرشون يعرفون أنفسهم بفلان متحرش سابق أو فلان متحرش حالي.

تحدثنا عن مفهوم التحرش عندهم، وكيف يتحرشون، وأدوات التحرش، ومن هو الشخص الذي يتحرش، ومن هي البنت التي يتم التحرش بها، وما هي المناطق التي ينتشر فيها التحرش، وتكلمنا عن دور الأسرة في التحرش ودور السينما والإنترنت.

سأحاول هنا استعراض النقاط الرئيسية التي طرحها المتحرشون، مستخدما كلماتهم، لتكون أكثر تعبيرا، ومركزا على تلك الأفكار غير الشائعة وغير التقليدية، والتي ربما تقدم إضافة للموضوع، وذلك  مع بعض التعليقات التي رأيتها ضرورية لتحليل ما قيل، وطبعا الموضوع مازال مطروحا لمزيد من الرؤى والتحليل.

فيما يخص تعريف التحرش؛ بالإضافة إلى التعريفات التقليدية التي تقول إنه اعتداء جنسي لفظي أو جسدي أو بالإشارة حسب كلامهم، أو إنه تعد بااللفظ أو باللمس على ولد أو بنت \”مع اهتمامهم للتركيز على تحرش البنات بالأولاد أيضا\”، ذكروا: \”التحرش بالآلات الإليكترونية والليزر وكده، التحرش أيضا هو التعدي على اللي ما تملكوش – باعتبار البنت اللي تملكها تتعدى عليها براحتك\”، أضاف المتحرشون أن التحرش \”بيكون لما واحدة لابسة بناطيل وجيب – جمع جيبة- والواحد مايبقاش قادر وهايجان\”، باعتبار أن التحرش ذو اتجاه عكسي، وهو فعل واقع من البنت على الولد لإثارته وليس العكس.

\”التحرش كان زمان تكسر لها ضلع يطّلع لها أربعة وعشرين، دلوقتي مانقدرش.. لو كلمت بت تضربك على وشك وتعملك محضر\”.. يتحسر على تحرش زمان، وكأن المشكلة هي في اعتراض الفتيات على التحرش، وأنها لو تقبلت التحرش بنفس راضية لن يكون هناك مشكلة.

\”التي تلبس المحزق وتلف التحجيبة عشرين لفة بطريقة تخليك تتجنن وتتعب منها، وفي الآخر تلوم الشاب، لما البنت تبقى كده لابسة أحمر وأصفر وعامله التحجيبة.. أبقى انا مش راجل لو ماتحرشتش بيها\”.

هنا التحرش أصبح سمة من سمات الرجولة.

\”دي لازم تتعاكس وتتشتم وتتمسك كمان.. أومال أصحابي يقولوا علي إيه؟!\”

التحرش فعل جماعي له علاقة بالذكورة والثقافة الذكورية الحديثة.

\”البنت تبقى ماشية زي الجبل، والواد سفروت، ويقولك بيتحرش بيها.. البنت اللي لابسة محترمة وحاطة رأسها في الارض.. دي ما اتحرش بيها\”

على البنات أن يكن غير مرئيات لكي يتجنبن التحرش.

فيما يخص خبرات شخصية عن التحرش: \”كنا في العيد أنا وصاحبي، داخلين سيما، لقينا خمسين ستين شاب حوالين بنتين، ومعاهم بنت صغيرة.. البنتين مايعدوش ١٥-١٦ سنة.. طبعا عشان دي منطقتنا ومايصحش، خلصناهم، بعدين لقيناهم لابسين منتهى قلة الأدب.. اقسم بالله كنت عايز ارجعهم تاني للعيال يكلوهم\”

هو تدخل لحمايتهن لأنهما في منطقته، ومن المحتمل أن يكن  من منطقته أيضا، لكن عندما رآهما عن قرب، أستثير وتقمص مشاعر المتحرشين فورا، وتعاطف معهم، لدرجة أنه فكر أن يعيدهما إليهم ليستكملوا عملية التحرش، والغريب أنه لم يأت على ذكر البنت الصغيرة.

فيما يخص الأسباب: \”النت وأفلام السبكي والبرشام، بيخلي الواحد فاكر نفسه عنتر، ولو شاف كلبة مش هيسيبها.. الواحد مننا يا نايم على فيلم.. يا صاحي على فيلم، ورافع ربع أحمر – ربع قرص ترامادول- فنازل تايه، ومش شايف قدّامه، فما تقولليش بنتحرش ليه – يشير هنا إلى تأثير الأفلام الجنسية وتعاطي المخدرات على وعي المتحرش- شيخ بيحك في خطيبتي في المترو وضربته، وقلت اللي بنعمله في بنات الناس هيتعمل فينا، وشفت إمام مسجد بيتحرش ببنت صغيرة – أي أن الجميع يتحرش رجال دين ومتزوجون.. كبارا وصغارا- واحدة منقبة وشايله عيل ومعاها جوزها، واتحرشنا بيها أنا وأصحابي في المترو وضربنا جوزها\”

لا أحد ينجو من التحرش منتقبة، متزوجة، مخلفة، معها زوجها لا فرق.

 

وعندما سألتهم عن طبيعة المتحرشين: \”إنسان حياته شهوانية بيتخيل إن كل البنات زي اللي بيشوفهم في النت.. أغلب المتحرشين طلبة، أطفال ابتدائي وإعدادية، وأعلى نسبة بتوع الثانوي ومدرسين وشيوخ وموظفين وكله بيتحرش، حتى البنات بيتحرشوا.. بيتحرشوا ببنات وأولاد\”

وعن المناطق الأكثر تحرشا: \”أكثر التحرش في المناطق التجارية زي وسط البلد وجامعة الدول، ويقل في المناطق الشعبية، لأن فيه احترام الكبير ممكن يضربك قلمين ويقولك عيب \”

يبدو أن الثقافة التقليدية مازال لها دور، التحرش ينحسر في الشوارع التي يعيشون فيها، حيث تسود الأخلاق التقليدية، وخارج هذه الشوارع تسود أخلاق أخرى.

لماذا يتحرشون؟

\”إثبات رجولة قدام صحابي والتباهي إن انا اللي مسكت وركها.. أنا اللي مسكت رجلها.. أنا اللي مسكت صدرها، ويتباهى قدام صحابه ومخدرات طبعا، وكبت جنسي.. شهوة لما يكون لوحده بيتحرش، لكن تباهي ورجولة لما يكون مع صحابه\”.

هنا يتم التفريق بين التحرش كفعل جنسي فردي دافعه غرائزي عندما يقوم به خارج المجموعة، والتحرش كفعل جماعي واجتماعي له دوافع أخرى منها التباهي وإثبات الذكورة.

\”كمان إحنا بالنسبة لنا البنت دون، ومش مفروض لما الواحد يعاكسها تعترض، وحقه يعمل معاها أي حاجة\”

الوضع المتدني الاجتماعي والثقافي والديني للأنثى يجعلها في مكان المفعول به، الذي لا يجب أن يعترض على فعل الرجل.

\”وفيه تحرش سياسة عشان ماتجيش هنا تاني – يقصد أيام المظاهرات- تقديم التحرش في السينما بشكل حلو والبنات بيضحكوا وبيكونوا مبسوطين.. الأسرة ليها دور، يعني الأب اللي سايب بنته نازله مش فارق معاه ترجع له مفتوحة.. ضعف شخصية الأب، والأم تقولها البسي يا بت اللي إنتي عايزاه وارجعي بعريس متريش\”

الأسر هنا مشكلتها أنها لم تمنع بناتها من النزول، وليس أنها لم تقم بتربية أبنائها الذكور لمنع التحرش.

\”أقولك على حاجة يا بيه، وفي كلمتين بس: الحاجات دي لازم تتجرم..  البنت اللي تنزل لابسة مش عارف إيه تتغرم مش عارف إيه وتتعاقب إيه.. في السعودية يا بيه مايقدروش ينزلوا من غير النقاب.. المتجوزين اللي بيتحرشوا أكيد مش مستريح في بيته، ومفروض الحكومة تشوف حل في الموضوع ده.. نجوزهم تاني، واللي يعمل حاجة بعد كده يبقى زي السعودية.. اللي يسرق يقطعوا له أيده، فا اللي يعمل حاجة يقطعوا له إيه؟  بتاعه\”

وعن سؤال إيه اللي بيحصل مع البنت اللي بيتم التحرش بيها: \”البنت المحترمة اللي حظها وقعها في واحد رافع برشامتين.. بترجع كارهة نفسها وكارهة الدنيا.. أما البنت الشمال، فبترجع مبسوطة وبتضرب سبعة ونص وبتحب تنزل تاني عشان تدوق التحرش\”

يعني هم مدركون للأثار السلبية على البنت، ولكن المحترمة فقط – طبعا حسب تعريفهم- واللي هي استثناء وأقلية هنا، أما عموم البنات فطبعا طبعا يستمتعن بالتحرش، وإلا لماذا تنزل إلى الشارع مرة أخرى؟!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top