لا يوجد لديّ دليل يجعلني اتهم مجلس إدارة اتحاد كرة القدم بالفساد المالي، لكني استطيع التأكيد بوجود فساد إداري وفساد أخلاقي، فقد كشفت مكالمة تم تسريبها مؤخرا بين مسئول باتحاد كرة القدم ورئيس لجنة الحكام حول أزمة نادي الزمالك مع الحكام واختيار أحد الحكام لإدارة مباراة بين نادي الزمالك ونادي المقاصة بزعم أن هذا الحكم هو المفضل لدى رئيس نادي الزمالك، كشفت عن ضعف وعجز وفشل مجلس إدارة اتحاد كرة القدم في إدارة شئون اللعبة، ومن مظاهر هذا الفشل تدهور مستوى كرة القدم وتأخر ترتيب مصر في التصنيف العالمي ليصبح ترتيب مصر الثامن والخمسين عالميا والعاشر إفريقيا في حين كان ترتيب مصر عام 2010 التاسع عالميا والأول إفريقيا، وكذلك إخفاق الفرق المصرية بفئاتها العمرية المختلفة، حيث لم يتأهل المنتخب الأول لنهائيات أمم إفريقيا عامي 2012، 2014 وخروج المنتخب الأوليمبي من المسابقة القارية من الدور الأول، وفشل تنظيم المسابقات المحلية، والمحاباة ومحاولة كسب ود النادي الأهلي ونادي الزمالك.
الفساد يعني الخروج عن النظام لتحقيق أهداف شخصية، وهو سلوك يخالف واجبات المنصب، فاختيار لجنة الحكام حَكم بعينه لإدارة مباراة بين نادي الزمالك ونادي المقاصة لإرضاء رئيس نادي الزمالك يعد فساد، كذلك عدم اتخاذ عقوبات رادعة ضد نادي الزمالك والنادي الأهلي أو استشارتهما والتنسيق معهما بشأن العقوبات قبل صدورها فساد، وعدم التزام الأندية الكبرى بقرار منع الحضور الجماهيري والتحايل بشان حضور بعض جمهورها يعد أيضا فساد حيث لا تستطيع الأندية الصغيرة السماح لجمهورها بالحضور وبالتالي عدم تحقق مبدأ تكافؤ الفرص، وعندما يعلن اتحاد الكرة أن المنتخب المصري الأول سيواجه منتخب السنغال الأول بكامل نجومه ثم تعلن السنغال أن المنتخب المصري الأول سيواجه المنتخب الأولمبي للسنغال فإن ذلك يعد فضيحة وفساد إداري يشوبه فساد مالي لعدم الحصول على مقابل مادي من تلك المباراة، والصمت عند تفاوض النادي الأهلي ونادي الزمالك مع لاعبين بالأندية الأخرى في غير المواعيد التي حددها الاتحاد الدولي لكرة القدم يعد فساد لأنه يساعد الأندية الكبرى على خطف اللاعبين مما يضعف الأندية الصغيرة ويدفع اللاعبين للتمرد على أنديتهم.
في إسبانيا قرر الاتحاد الإسباني لكرة القدم إقصاء فريق ريال مدريد من مسابقة كأس ملك إسبانيا، بعد الخطأ الإداري الذي وقع فيه الفريق الملكي بإشراك لاعب موقوف في أحد لقاءاته مع فريق بالدرجة الثالثة في مسابقة كأس إسبانيا، وقدم النادي الملكي استئنافا ضد هذا القرار وتم رفض الاستئناف من قبل لجنة الانضباط الحكومية الرياضية في إسبانيا وقالت إن القرار نهائي، وأكد ريال مدريد احترامه للقرار، ونادي ريال مدريد هو فريق مدريد الملكي لكرة القدم والذي تم اختياره كأفضل فريق كرة قدم في القرن العشرين، وقد فاز بالدوري الإسباني اثنان وثلاثين مرة وتسعة عشر مرة بكأس ملك إسبانيا وأحرز رقما قياسيا بحيازته عشر بطولات في دوري أبطال أوروبا، ولم يشفع ذلك للنادي الملكي أمام شكوى نادي يلعب بالدرجة الثالثة، وتم إقصاؤه من مسابقة الكأس.
يجب أن يتصف مجلس إدارة اتحاد كرة القدم بالخبرة والهيبة والحياد والجرأة، واعتقد أن المجلس الحالي لا يمتلك تلك الصفات، لذلك من الأفضل له التقدم باستقالته بعد فشله وعجزه وتخبطه في إدارة شئون اللعبة، وأن يفسح المجال لانتخاب مجلس جديد يعمل على إصلاح ما تم إفساده والنهوض بمستوى كرة القدم، وإذا لم نتمكن من انتخاب مجلس إدارة مؤهل لإدارة منظومة كرة القدم، أتمنى أن يسمح لنا الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) والمتهم بالفساد أيضا بالتعاقد مع الاتحاد الإسباني لكرة القدم ليدير لنا شئوننا الكروية.
