د. مجدي الجعبري يكتب: أزمة الدولار إلى أين؟

تستمر أزمة الجنيه المصري في مواجهة الدولار في التصاعد، حيث قفز سعر الدولار في السوق الموازية إلى 11 جنيه مع ثبات سعره في البنوك عند 8.83 جنيه للشراء، 8.88 للبيع، وتشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع الدولار بسبب النقص الحاد في موارد النقد الأجنبي من الأنشطة الرئيسية مع استمرار الزيادة في الطلب، وهذا يؤدي إلى مزيد من الارتفاع في أسعار السلع والخدمات خاصة وأن مصر تستورد حوالي 70% من احتياجاتها السلعية من الخارج.

وترجع أسباب تلك الأزمة للفجوة الكبيرة بين الموارد والنفقات الدولارية، حيث يتم تغطية تلك الفجوة من الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي، الأمر الذي أدى إلى تراجع احتياطي مصر من النقد الأجنبي وقيام البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه، وقد بلغت موارد مصر من الدولار عام 2015 حوالي 55 مليار دولار، تتضمن 15 مليار دولار تحويلات المصريين بالخارج بمعدل 27.2% من إجمالي الدخل بالدولار، وإيرادات قناة السويس حوالي 5 مليار دولار بمعدل 9% ، وإيرادات قطاع السياحة حوالي 6 مليار دولا بمعدل 11% ، وفي قطاع التجارة الخارجية بلغت الصادرات البترولية 1.2 مليار دولار والصادرات غير البترولية بلغت 18.6 مليار دولار بإجمالي إيرادات 19.8 مليار دولار وبمعدل 36% ، وقروض خارجية بلغت 3.2 مليار دولار بمعدل 5.8%، واستثمارات أجنبية مباشرة بلغت 6 مليار دولار بمعدل 11% وفي المقابل بلغت الواردات المصرية في عام 2015 حوالي 60 مليار دولار، والمستحقات الخارجية التي تم سدادها بلغت 4.8 مليار دولار.

وقد ساهم في تفاقم أزمة الدولار خلال الفترة الماضية انخفاض إيرادات بعض القطاعات الرئيسية للدولة، حيث انخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بصورة كبيرة بعد ثورة يناير 2011 نتيجة لعدم الاستقرار الأمني والسياسي، وتأثرت أيضا إيرادات قطاع السياحة خاصة بعد حادث سقوط الطائرة الروسية، وانخفضت رسوم عبور قناة السويس نتيجة انخفاض أسعار النفط وانخفاض حجم تداول التجارة العالمية وبالتالي انخفاض حركة الملاحة البحرية حول العالم ، وانخفضت تحويلات العاملين المصريين بالخارج نتيجة لعدم استقرار أسعار الصرف والقيود المفروضة على عمليات الإيداع والسحب النقدي بالعملات الأجنبية، وانخفضت إيرادات الصادرات نتيجة فقدان بعض الأسواق التصديرية ونقص الطاقة وأزمة الدولار.

والخروج من هذه الأزمة ليس بالأمر السهل، وارى أن الحل يجب أن يتضمن الإجراءات التالية:

أولا: إجراءات على مستوى الحكومة لزيادة الموارد الدولارية تتمثل في التالي:

– تهيئة المناخ الاستثماري والاهتمام بتشريعات الاستثمار وتذليل العقبات أمام المستثمر الأجنبي بهدف زيادة الاستثمارات الأجنبية.

– العمل على تحفيز وزيادة معدلات الصادرات من خلال تنشيط الصادرات الزراعية وفتح أسواق تصديرية جديدة وخاصة في إفريقيا وذلك في ضوء تخفيض قيمة العملة المحلية والتي تزيد من درجة التنافسية.

– الاهتمام بالاستثمارات في المجال السياحي والعمل على تذليل العقبات التي تواجه هذا القطاع لإعادة مصر إلى مكانها الطبيعي على خريطة السياحة العالمية.

ثانياً: إجراءات خاصة بالبنك المركزي لخفض النفقات الدولارية وتشمل ضبط السياسة النقدية وتحديد أولويات الإنفاق بالدولار وترشيد الواردات السلعية.

وتتطلب تلك الإجراءات استقراراً أمنياً وسياسيا، وكذلك بعض الوقت لتحقيق أهدافها، واعتقد أن سعر الدولار مرشح للارتفاع خلال الفترة القادمة، وأن البنك المركزي سوف يقوم بتخفيض جديد لقيمة الجنية في حال تجاوز سعر الدولار بالسوق الموازية 11 جنيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top